فوائد الجري السريع


فوائد الجري السريع 


يمنحك الجري الثقة بنفسك وجسمك ويخلصك من الإرهاق وضغوط الحياة الروتينية واليومية ويعمل الجري على تحسين اللياقة البدنية والحصول على جسم متكامل ولياقة . 
وللجري فوائد اخرى منها:
1 تقوية العضلات وزيادة الكتلة العضلية 
2 زيادة قوة العظام وكفاءتها 
3 تخفيض احتمالات التسبب بأمراض القلب والشرايين 
4 تقوية الدورة الدموية 
5 الجري يحمي من عوارض الشيخوخة 
و يعمل الجري على تقوية الدماغ ، حيث يعمل على زيادة المادة الرمادية للدماغ و التي تزيد من القدرات العقلية الانسانية . و كذلك تزيد من الخلايا التي تحافظ على ذاكرة الانسان .
- أما من الناحية النفسية : يمنح الجري الشعور بالراحة و السعادة ، و ذلك بسبب فرز هرمون الإندروفين في الدماغ الناتج عن وجود كمية كافية من الأوكسجين .
مظاهر و استعمالات الجري السريع 
من انواع سباقات الجري السريع:
1.سباق 100 متر حواجز 2.سباق 110 متر حواجز3.سباق 200 متر4.سباق 400 متر5.سباق 400 متر حواجز
ويمكن تصنيف الجري حسب المسافة:
1.الجري لمسافات طويلة.2 الجري لمسافات متوسطة 3 .الجري لمسافات قصيرة.
من استعمالات الجري السريع مسابقات الالومبيات, ولاعب كرة القدم, السلة, البيسبول وحتى لاعب التنس الارضي يحتاج ليكون لديه قدرة عالية على الجري السريع. لكن ليس الجري السريع ما يضمن لهم الفوز, فالجري جزء يساعد اللياقة وقدرة التحمل والتحكم بالحركات للانتقال يمينا وشمالا كما يحتاج لاعب كرة القدم ليلحق بالكرة. 
قوانين الجري السريع 
للجري السريع قواعد كأي نوع من أنواع الرياضات وهي : 
-الجري في مكان مخصص و مناسب للجري .
- قبل الجري يجب عمل تمارين رياضية خفيفة ، و بعدها المشي ببطء ثم زيادة السرعة شيئا ً فشيئا ً.
- النظر إلى الأمام على بعد 20 قدما ً ، و رفع الرأس و الذقن إلى الأعلى بمستوى معتدل يتناسب مع شد الكتفين و الصدر إلى الأمام. 
- ثني الذراعين عند المشي بزاوية أقل من 90 درجة ، و العمل على أرجحة الذراعين عند المشي ، و لكن علينا أن نأرجح اليدين فترة بعد فترة و ليس طول الوقت. 
- التنفس بعمق ، و ذلك لإدخال أكبر كمية ممكنة من الأوكسجين. 
- يفضل عدم استخدام الأجهزة الإلكترونية خصوصا ً السماعات ، و ذلك للقدرة على سماع المنبهات الخارجية ، و الجري في وقت العصر وليس في الظلام ، حتى لا يحصل أي حادث ، و لكن إذا اضطر لذلك يجب وضع عاكسات على الملابس حتى تسمح للسائقيين رؤية الشخص الذي يجري. 
- لبس ملابس رياضية ، و اسعة و فضفاضة، لتنظيم حرارة الجسم. - يفضل شرب الماء البارد قبل الجري ، لتنشيط الدورة الدموية.
- و من أهم القوانين ارتداء الحذاء المناسب للجري ، لأن راحة القدمين تساعد على الجري بانتظام و تزيد من فترة الجري ، و ذلك بسبب الشعور بالراحة .
ملخص موضوع تعريف الجري السريع
-الجري السريع هو نوع من الرياضة الفردية التي تعتمد أساسا على سرعة العداء وتناسق حركاته و استطاعته التحمل لإتمام السباق بنفس الوتيرة ويمارس في المسافات القصيرة : 100 متر و 200 متر و 400 متر سواء كان المسافة منبسطة او بحواجز.
- وللجري فوائد كثيرة تعرفنا على بعضها في هذا الموضوع, منها زيادة الثقة بالنفس والتخلص من الإرهاق وضغوط الحياة الروتينية واليومية .

فوائد رياضة المشي


فوائد  رياضة المشي 

1. المشي من أقل التمارين الرياضية ضرراً على المفاصل، والأقل في احتمالات الإصابة خلال التمارين.
2. المشي من التمارين التي يحرق فيها الأكسجين (أيروبك)، وهو بالتالي يفيد القلب والرئتين ويحسن من الدورة الدموية.
3. المشي من الرياضات المتوسطة الإجهاد التي تساعد الناس على المحافظة على لياقتهم ورشاقتهم بحرق الطاقة الزائدة، ويقوي العضلات والجهاز الدوري ويحسن من استخدام الأكسجين والطاقة في الجسم. ولذلك يقلل من المخاطر المرتبطة بالسمنة و السكري وسرطان الثدي وسرطان القولون وأمراض القلب.
4. يعتبر المشي مشابهاً لتمارين حمل الأثقال، فالمشي بقامة مستقيمة متزنة يقوي العضلات في الأرجل والبطن والظهر، ويقوي العظام ويقلل من إصابتها با لهشاشة.
5. يفيد المشي في التخلص من الضغوط النفسية والقلق والإجهاد اليومي، ويحسن من الوضع النفسي ومن تجاوب الجهاز العصبي (اليقضة) وهذا ناتج من المركبات التي يفرزها الجسم خلال المشي.
6. يساعد المشي على التخلص من الوزن الزائد، وهذا بالطبع يعتمد على مدة المشي وسرعته (مقدار الجهد المبذول). فالشخص الذي يمشي بمعدل 4 كم/ ساعة يحرق ما بين 200 – 250 سعراً حرارياً في الساعة (22 – 28 جرام من الدهون).
7. يمكن مزاولة المشي في أي مكان وزمان بدون تجهيزات أو ملابس خاصة، ويمكن أن يكون جزءاً من الحياة اليومية، فيكون بديلاً عن ركوب السيارة متى أمكن ذلك .

كيف تمشي؟ نعم كلنا يعرف المشي ولكن مقدار الفائدة منه مرتبطة بمدى صحة طريقة المشي. 
1. عندما تمشي ابق رأسك مرفوعاً وأنظر على بعد بضع خطوات أمامك، وحافظ على الفك السفلي في مكانه دون شد بل اجعل عضلاته منبسطة.
2. ابق الكتفين إلى الخلف دون شد، ولا تجعلهما منحنيين إلى الأمام، وحافظ على الصدر مرتفعاً والظهر مستقيماً وقائماً
3. يجب أن تكون عضلات البطن مشدودة قليلاً إلى الداخل، وعضلات (المؤخرة) مشدودة قليلاً إلى الداخل.
4. لابد أن يكون مفصل الركبة مرناً للحركة فلا تجعله مشدوداً بحيث يتحرك الساق والفخذ معاً.
5. اثن أصابع اليد للداخل بدون تكوين قبضة كاملة وبدون ضغط عليها، ولا تجعل يديك تتدلى والكف مفتوحة، أجعل الذراع بشكل زاوية قائمة من عند المرفق، وحرك يديك إلى الأمام والخلف بحيث ترتفع قبضة الكف إلى أعلى في حركة اليد إلى الأمام وتصل إلى محاذاة الورك في حركتها إلى الخلف ولا تجعلها تتأرجح أمام جسمك.
6. عند المشي أجعل الخطوة بحيث يكون عرقوب القدم الأمامية على الأرض أولاً وبعد ذلك بقية الرجل ابتداءً من العرقوب إلى أطراف الأصابع، وأدفع بأصابع الرجل الخلفية لترفعها إلى الأمام، وهكذا.... ثم حاول أن تتخيل وكأن هناك خطاً على طول المسار أمامك محاولاً أن تسير بوضع رجليك بالقرب منه وبشكل مواز له بحيث تكون أصابع القدمين متجه إلى الأمام وليس إلى اليمين أو اليسار.
7. مع ازدياد السرعة يجب أن تكون القدمان بالقرب من الخط في حركتهما، وعند المشي ببطء تكون القدمان بعيدتان قليلة عن هذا الخط الوهمي ولكن موازيتان له. وعندما تسرع فإن الورك سيتحرك إلى الأمام بصورة طبيعية مع تقدم كل رجل وعند ذلك توجه حركة الورك الجانبية إلى الخط. حركة الورك هي التي تضبط وتيرة وسرعة المشي وليست حركة الذراعين أو الساقين.
8. إذا أردت المشي بسرعة فلا تجعل خطوتك واسعة بل قم بزيادة عدد الخطوات (زيادة السرعة). ولا تقصر من الخطوات بل الأفضل السير بالخطوات الطبيعية المريحة لك.
9. مع حركة المشي أرجح ذراعيك إلى الخلف نحو الورك ولا تجعلهما يرتفعان في الهواء، وتذكر أن حركة الأذرع تأتي من الكتف وليس من المرفق.
10. قد يبدو لك خلال المشي أن الساقين والأرجل هي الأهم في حركة المشي، ولكن ذلك غير صحيح. يحدد الوركان خلال المشي وتيرة وسرعة المشي ولذلك يجب مساعدتهما بأن تكون واعياً لوضع قامتك بحيث يكون الظهر مستقيماً وعضلات البطن إلى الداخل قليلاً والرأس إلى أعلى والصدر بارزاً قليلاً والأكتاف إلى الخلف والأذرع متأرجحة من أعلى إلى الخلف بزاوية قائمة.
ملابس المشي :
يفضل ارتداء الملابس المريحة الواسعة التي تسمح بالتخلص من العرق. إن القطن من المنسوجات المريحة والناعمة ولكنه غير مناسب في الجو الحار أو البارد لأنه يمتص العرق ويبقيه فيصبح رطباً مما يزيد من درجة حرارة الجسم صيفاً ومن برودته شتاءً، لذلك يفضل ارتداء ملابس مصنوعة من قماش يساعد على تبخير العرق، وإذا كان الجو بارداً توضع طبقة أخرى من الملابس فوق الأولى، وهذا ينطبق أيضاً على الملابس الداخلية.

اختيار الحذاء :
يختلف حذاء المشي عن الأحذية الأخرى التي تستخدم عادة، كما أنه يختلف عن بقية الأحذية الرياضية الخاصة بالجري أو التنس أو كرة القدم مثلاً، وذلك لأن آلية (ميكانيكية) حركة القدم خلال المشي تختلف عنها في الرياضات الأخرى. يجب أن يكون حذاء المشي ذا كعب عريض ونعل مرن في الوسط وأن يكون حاضناً للكعب دون أن يكون ضيقاً عليه، وأن تكون حركة أصابع الرجل في الطرف الأمامي للحذاء ممكنة. يجب تغيير الحذاء إذا تآكل جزء من نعله. وعند شراءه يجب التأكد من أنه مريح من أول تجربة لبس له وصفاته مطابقة للصفات السابق ذكرها. ويفضل شراء الحذاء من المحلات المتخصصة. ولأن شكل بطن القدم يختلف من شخص لآخر فيكون إما مسطحاً أو مقوساً، وهو ما يمكن معرفته بالنسبة لقدمك بترطيب بطن القدم بالماء وعمل طبعه على ورق مقوى (كرتون) فإذا كانت الطبعة للعرقوب والأصابع وقليل من وسط القدم فقدمك من النوع المقوس، ولكن إذا أظهرت الطبعة بطن القدم كاملاً فقدمك من النوع المسطح. إن معرفة نوع القدم مهم من أجل اختيار الحذاء المناسب لها لأن حركة الرجل ذات القدم المسطحة تكون إلى الداخل خلال المشي والركض بينما تكون إلى الخارج في حالة القدم المقوسة. ولأن معظم الصدمات والحمل أثناء المشي يقع على العرقوب فيجب أن يكون مكانه في الحذاء ذا وسادة لتمتص الصدمة وأن يكون الجزء العلوي من الحذاء المحيط بالعرقوب صلباً قليلاً وحاضناً للعرقوب منعاً لحركته عند الارتطام بالأرض. أما وسط الحذاء ومقدمته فيكونان مرنان ليسهلا حركة القدم والأصابع عند المشي. من الضروري بعد المشي تجفيف الحذاء بتركه في الهواء، ويجب عدم وضع الحذاء في الشمس الحارقة لأن ذلك يؤثر على الأجزاء المطاطية فيه. ولابد من ملاحظة أن بعض الأحذية غير قابلة للغسل. وأخيراً هناك جوارب خاصة بالمشي وتمتاز أنها تسمح بتهوية القدمين وبالتخلص من العرق. ويجب أن يكون حجم الجوارب مناسباً لمقاس القدم بحيث لا تنطوي أو تكوّن زوائد تؤدي إلى رفع درجة حرارة القدم وإلى الإصابة بالنفطات (الانتفاخات المائية).


عبوة الماء 

يحتاج الجسم إلى الماء خلال ممارسة رياضة المشي، ولا يكفي ما تتناوله من الماء قبل المشي، فالماء ضروري لتبريد الجسم ومساعدته على توصيل الأكسجين

متى تمشي ؟
الجدول الزمني
من الأفضل تحديد وقت معين خلال اليوم للمشي بحيث يكون جزءاً من جدولك اليوم وذلك للمحافظة على موعد المشي.
وإذا كان غرض المشي مجرد اللياقة البدنية فيكفي المشي مدة 30 دقيقة على الأقل يومياً ثلاث مرات أسبوعياً. وإذا
كان الغرض تخفيف الوزن واللياقة البدنية فيلزمك المشي 30 دقيقة على الأقل يومياً خمس مرات في الأسبوع. ويمكن
زيادة مدة المشي إلى ساعة يومياً لكسب مزيد من اللياقة وتخفيف الوزن.

أسباب تعاطي المخدرات


  • أضرار المخدرات
1- ضعف الوازع الديني لدى الفرد المتعاطي :
لاشك أن عدم تمسك بعض الشباب وعلى وجه الخصوص أولئك الذين هم في سن المراهقة قد لا يلتزمون التزاما كاملاً بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف من حيث اتباع أوامره واجتناب نواهيه ، وينسون كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ونتيجة ذلك أنساهم الله سبحانه أنفسهم فانحرفوا عن طريق الحق والخير إلى طريق الفساد والضلال ، وصدق الله العظيم إذ يقول ( ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون ).
2- مجالسة أو مصاحبة رفاق السوء :
تكاد تجمع جميع الدراسات النفسية والاجتماعية التي أجريت على أسباب تعاطي المخدرات وبصفة خاصة بالنسبة للمتعاطي لأول مرة ، على أن عامل الفضول وإلحاح الأصدقاء أهم حافز على التجربة كأسلوب من أساليب المشاركة الوجدانية مع هؤلاء الأصدقـاء ، فالله سبحانه وتعالى حذرنا من اتباع أهواء المضللين فقال تعالى ( ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل ).
3- الاعتقاد بزيادة القدرة الجنسية :
يعتقد بعض الشباب أن هناك علاقة وثيقة بين تعاطي المخدرات وزيادة القدرة الجنسية من حيث تحقيق أقصى إشباع جنسي وإطالة فترة الجماع بالنسبة للمتزوجين وكثيراً من المتعاطين يقدمون على تعاطي المخدرات سعياً وراء تحقيق اللذة الجنسية والواقع أن المخدرات لا علاقة لها بالجنس بل تعمل على عكس ما هو شائع بين الناس .
4- السفر إلى الخارج : 
لاشك أن السفر للخارج مع وجود كل وسائل الإغراء وأماكن اللهو وعدم وجود رقابة على الأماكن التي يتم فيها تناول المخدرات يعتبر من أسباب تعاطي المخدرات .
5- الشعور بالفراغ :
لاشك أن وجود الفراغ مع عدم توفر الأماكن الصالحة التي تمتص طاقة الشباب كالنوادي والمتنزهات وغيرها يعتبر من الأسباب التي تؤدي إلى تعاطي المخدرات أو المسكرات وربما لارتكاب الجرائم .
6- حب التقليد :
وقد يرجع ذلك إلى ما يقوم به بعض المراهقين من محاولة إثبات ذاتهم وتطاولهم إلى الرجولة قبل أوانها عن طريق تقليد الكبار في أفعالهم وخاصة تلك الأفعال المتعلقة بالتدخين أو تعاطي المخدرات من أجل إطفاء طابع الرجولة عليهم أمام الزملاء أو الجنس الآخر.
7- السهر خارج المنزل :
قد يفسر البعض الحرية تفسيرا خاطئا على أنها الحرية المطلقة حتى ولو كانت تضر بهم أو بالآخرين ومن هذا المنطلق يقوم البعض بالسهر خارج المنزل حتى أوقات متأخرة من الليل وغالباً ما يكون في أحد الأماكن التي تشجع على السكر والمخدرات وخلافه من المحرمات.
8- توفر المال بكثرة : 
إن توفر المال في يد بعض الشباب بسيولة قد يدفعه إلى شراء أغلى الطعام والشراب وقد يدفعه حب الاستطلاع ورفقاء السوء إلى شراء أغلى أنواع المخدرات والمسكرات ، وقد يبحث البعض منهم عن المتعة الزائفة مما يدفعه إلى الإقدام على ارتكاب الجريمة .

9- الهموم والمشكلات الاجتماعية :
هناك العديد من الهموم والمشكلات الاجتماعية التي يتعرض لها الناس فتدفع بعضهم إلى تعاطي المخدرات بحجة نسيان هذه الهموم والمشاكل .
10- الرغبة في السهر للاستذكار :
يقع بعض الشباب فريسة لبعض الأوهام التي يروجها بعض المغرضين من ضعاف النفوس عن المخدرات وخاصة المنبهات على أنها تزيد القدرة على التحصيل والتركيز أثناء المذاكرة وهذا بلاشك وهم كاذب ولا أساس له من الصحة بل بالعكس قد يكون تأثيرها سلبياً على ذلك .
11- انخفاض مستوى التعليم :
ليس هناك من شك في أن الأشخاص الذين لم ينالوا قسطاً وافراً من التعليم لا يدركون الأضرار الناتجة عن تعاطي المخدرات أو المسكرات فقد ينساقون وراء شياطين الإنس من المروجين والمهربين للحصول على هذه السموم ، وإن كان ذلك لا ينفي وجود بعض المتعلمين الذين وقعوا فريسة لهذه السموم .
من أهم العوامل التي تساعد على الادمان في الاسرة:
1- القدوة السيئة من قبل الوالدين :
يعتبر هذا العامل من أهم العوامل الأسرية التي تدفع الشباب إلى تعاطي المخدرات والمسكرات ويرجع ذلك إلى أنه حينما يظهر الوالدين في بعض الأحيان أمام أبنائهم في صورة مخجلة تتمثل في اقدامهم على تصرفات سيئة وهم تحت تأثير المخدر ، فإن ذلك يسبب صدمة نفسية عنيفة للأبناء وتدفعهم إلى محاولة تقليدهم فيما يقومون به من تصرفات سيئة .
2- إدمان أحد الوالدين :
عندما يكون أحد الوالدين من المدمنين للمخدرات أو المسكرات فإن ذلك يؤثر تأثيراً مباشراً على الروابط الأسرية نتيجة ما تعانيه الأسرة من الشقاق والخلافات الدائمة لسوء العلاقات بين المدمن وبقية أفراد الأسرة مما يدفع الأبناء إلى الانحراف والضياع .
3- انشغال الوالدين عن الأبناء : 
إن انشغال الوالدين عن تربية أبنائهم بالعمل أو السفر للخارج وعدم متابعتهم أو مراقبة سلوكهم يجعل الأبناء عرضة للضياع والوقوع في مهاوي الإدمان ولاشك أنه مهما كان العائد المادي من وراء العمل أو السفر فإنه لا يعادل الأضرار الجسيمة التي تلحق بالأبناء نتيجة عدم رعايتهم الرعاية السليمة .
4- عدم التكافؤ بين الزوجين :
ففي حالة عدم التكافؤ بين الزوج والزوجة ، يتأثر الأبناء بذلك تأثيراً خطيراً وبصفة خاصة إذا كانت الزوجة هي الأفضل من حيث وضع أسرتها المادية أو الاجتماعية ، فإنها تحرص أن تذكر زوجها بذلك دائماً ، مما يسبب الكثير من الخلافات التي يتحول على أثرها المنزل إلى جحيم لا يطاق ، فيهرب الأب من المنزل إلى حيث يجد الراحة عند رفاق السوء ، كما تهرب هي أيضاً إلى بعض صديقاتها من أجل إضاعة الوقت ، وبين الزوج والزوجة يضيع الأبناء وتكون النتيجة في الغالب انحرافهم .
5- القسوة الزائدة على الأبناء :
إنه من الأمور التي يكاد يجمع عليها علماء التربية لان الابن إذا عومل من قبل والديه معاملة قاسية مثل الضرب المبرح والتوبيخ فإن ذلك سينعكس على سلوكه مما يؤدي به إلى عقوق والديه وترك المنزل والهروب منه باحثاً عن مأوى له فلا يجد سوى مجتمع الأشرار الذين يدفعون به إلى طريق الشر والمعصية وتعاطي المخدرات .
6- كثرة تناول الوالدين للأدوية والعقاقير :
إن حب الاستطلاع والفضول بالنسبة للأبناء قد يجعلهم يتناولون بعض الأدوية والعقاقير التي تناولها أباؤهم مما ينتج عن ذلك كثيراً من الأضرار والتي قد يكون من نتيجتها الوقوع فريسة للتعود على بعض تلك العقاقير .
7- ضغط الأسرة على الابن من أجل التفوق : 

عندما يضغط الوالدان على الابن ويطلبون منه التفوق في دراسته مع عدم إمكانية تحقيق ذلك قد يلجأ إلى استعمال بعض العقاقير المنبهه أو المنشطة من أجل السهر والاستذكار وتحصيل الدروس ، وبهذا لا يستطيع بعد ذلك الاستغناء عنها.

الإدمان مفهومه.. أسبابه..خطورته..طرق الوقاية منه

                         مفهومه.. أسبابه..خطورته..طرق الوقاية منه


الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي المتقين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وبعد : 
إن الله جل وعلا أحل لعباده الطيبات من المآكل والمشارب، وحرم عليهم الخبائث التي تعود عليهم بالضرر في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، وقد وصف الله النبي صلى الله عليه وسلم بوصف جميل فقال: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف:157].
وقد حذرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم من كل الخبائث والمحرمات، ومنها: إدمان المخدرات والأمور المذهبة للعقل والمال والعرض
وفى هذا البحث حاولت أن أبين بعض جوانب هذه الظاهرة التي أقلقت الجميع من أولياء الأمور والمربين والمسئولين والتربويين وغيرهم .
فبدأت بحثي بالحديث عن مفهوم الإدمان وتعريفه لغة واصطلاحا وعرفت المخدرات فى اصطلاح علماء النفس والقانون واللغة والتربية والشرع .
ثم تكلمت عن الأسباب الباعثة على الإدمان وقسمتها إلى أسباب شخصية واجتماعية وصحية واقتصادية وسياسية .
ثم أسردت مبحثا كاملا عن دراسات ميدانية على المدمنين قامت بها جهات معتمدة وأشرت إلى ذلك في المراجع .
وأشرت في بحثي إلى الآثار والنتائج المترتبة على هذه الظاهرة وأثرها على الفرد والمجتمع وأشرت أيضا إلى علاقة إدمان المخدرات بالجريمة . 
ثم أشرت في بحثي إلى بعض العوامل أو الإعراض التي يعرف بها مدمن المخدرات ، وختم البحث بذكر الطرق والوسائل التي يمكن عن طريقها القضاء على هذه الظاهرة أو المشكلة الاجتماعية . 
هذا وقد تم تجميع البحث من المواقع المختلفة والكتب المهتمة بهذا الشأن.
تعريف الإدمان


1 ـ لغة:
دَمِنَ على الشئ: لزمه ، وأدمن الشراب وغيره: أدامه ولم يقلع عنه ، ويقال أدمن الأمر ، واظب عليه.(كما فى المعجم الوسيط) [المعجم الوسيط: مجمع اللغة العربية ج1 ، طبعة1985م ، مادة (د.م.ن) ص308 القاهرة]
2 ـ اصطلاحا: 
تعاطى المواد الضارة طبيا واجتماعيا وعضويا بكميات أو وجرعات كبيرة ولفترات طويلة ، تجعل الفرد متعودا عليها وخاضعا لتأثيرها ويصعب أو يستحيل عليه الإقناع عنها.
والإدمان قد يكون إدمانا على الخمر والمسكرات ، أو إدمانا على المخدرات أو حتى بعض الأدوية والعقاقير.
ولكنه فى كل الأحوال أكثر تعقيدا من مجرد الاشتهاء الجسمى لأنه يؤثر على أجهزة الجسم وبخاصة على الجهاز العصبى والنفسى للإنسان والقاعدة فى الشريعة الإسلامية تقرر أنه لا يحل للمسلم أن يتناول من الأطعمة أو الأشربة شيئا يقتله بسرعة أو ببطء أو ما يضره ويؤذيه ، فإن المسلم ليس ملك نفسه ، وإنما هو ملك دينه وأمته ، وحياته وصحته وماله ونعم الله كلها عليه وديعة عنده ، ولا يحل له التفريط فيها قال سبحانه وتعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}البقرة:19 5 ، وقال سبحانه وتعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما}النساء:29 ، فقد أثبتت الأبحاث الطبية والاجتماعية أن أشر ما يمكن أن يؤدى إلى التهلكة هو الإدمان.
وليس هناك أكمل من البيان القرآني وحجية السنة المطهرة لبيان ما ينطوى عليه من خطورة ، فالله عندما شرع العقوبة جعل شرب الخمر ضمن جرائم الحدود ، كما قال سبحانه: {ياأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون}[لنساء: 43] وقال جل شأنه:{ياأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون.إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء فى الخمر والميسر ويصدكم عن ذكرالله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون}[المائدة:90-91]

كما وصفها الرسول الكريم بأنها أم الكبائر وأم الخبائث لأنها تزين للإنسان الشر وتدفعه إليه ، ولذا فقد لعن بائعها وعاصرها وحاملها فلقد "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر" رواه الإمام أحمد عن أم سلمة[سنن أبى داود ، 3 /295]
ويعتبر الإدمان فى العصر الحديث من أشد المشكلات إيلاما لأسر المدمنين والمجتمع إذ يؤدى إلى حالة من التدهور فى الشخصية تهتز معها القيم والمعايير فلا يعود المدمن قادرا على التوافق السليم مع القانون والحياة الاجتماعية السوية.
إن الإدمان ظاهرة المجتمعات التى تحتوى على كثير من العناصر البنائية المتناقضة -وبخاصة فى أنساق القيم- ويبدو أن هذا ما انتبهت إليه الحضارة الحديثة متأخرة ، حيث بدأت كثير من الدول التى لا تدين بدين الإسلام بالأخذ بنظرة الإسلام والتفكير جديا فى وضع القيود والقوانين الصارمة على الخمر والمخدرات أن لم يكن تحريمها
تعريف آخر للادمان : 
تكرار تعاطي مادة أو أكثر من المواد المخدرة بشكل قهريمما يؤدي إلى حالة اعتماد عضوي أو نفسي أوكليهما مع التحمل وظهورالأعراض الانسحابية في حالة الانقطاع 
والمقصود بالاعتمادالعضوي:
حالة يعتادها الجسم علي المواد المخدرة ليؤدي وظائفهالفسيولوجية وفي أثناء غياب تلك المادة تختل تلكالوظائف وينتج عنهاأعراض انسحابيه جسدية 0
الأعراض الانسحابية الجسدية هي :
ردود فعل سلبية من الجسم نتيجة نقص المادة المخدرة وتكون علي شكلالآم في المفاصل والعضلات والصداع والرعشة في الأطراف والعرق ودموع العينينورشح الأنف ونقص الوزن وارتفاع الضغط وسرعة النبض والتثاؤب المستمر والغثيانوالقيء والكسل وغيرها.
والمقصود بالاعتماد النفسي :
رغبةالمدمن في الحفاظ علي الأحاسيس والمشاعر واللذة الناجمة عن التعاطي لضمانالاستقرار النفسي . 
والأعراض الانسحابية النفسية هي:
القلق ,الاكتئاب, المخاوف الوهمية, الشك ,الانفعال الشديد ,الحساسية الشديدة,الخجل ,الغضب , الأرق الشعور بالذنب, فقدان الشهية وفقدان الرغبة الجنسية. 
التحمل ويعني: 
ميل الشخص المتعاطي إلى زيادة الجرعةالمخدرة للحصول علي الحالة المنشودة من تعاطي المخدر والتي حصل عليها في مراالتعاطي الأولي.


ما هي المخدرات ؟


تستخدم منظمة الصحة تعبير المواد النفسية بدلا منالمخدرات وقد يكون هذا مرتبط بتاثيرها العالي في المجال النفسي لأن الأخير يشمل مواد واستخدامات علمية أو أخرى عادية غير محظورة أو خطرة، والمحرم استخدامها إلا لأغراض طبية أو علمية، أو إساءة استخدام الموادوالعقاقير المتاحة للحصول على التأثيرات النفسية. وبعض المخدرات مواد طبيعية وبعضهامصنعة، وتشمل المهدئات والمنشطات والمهلوسات أو المستخرجة من نباتات طبيعية كالحشيشوالأفيون والهيروين والماريغوانا والكوكايين أو المواد التي تستنشق مثل الأسيتونوالجازولين.
1- المواد النفسية (المخدرات) : هي المواد المحدثة للإدمان، طبيعية كانت أو مصنعة. وتشمل هذه المواد: الكحوليات (المشروبات الكحولية) والأمفيتامينات، والباربيتورات (مثل الفاليوم، والميلتاون، وسائر المواد المهدئة)، والقنبيات (مستحضرات القنب، الماريغوانا في الغرب، والبانج والجانجا والكاراس في الهند، والكيف في شمال أفريقيا، والحشيش في مصر)، والكوكايين، والمهلوسات (مثل الليسيرجايد، والميسكالين، والسايلوسيبين)، والقات، والأفيونيات (الأفيون، والمورفين، والهيروين، والكودايين)، والمواد الطيارة (الاستنشاقية: مثل الأسيتون، والجازولين) (سويف1996،ص17-18). 
4- المخدرات لغويا: مشتقة من الخِدْر .. وهو ستر يُمد للجارية في ناحية البيت، والمخَدر والخَدَر: الظلمة، والخدرة: الظلمة الشديدة، والخادر: الكسلان، والخَدرُ من الشراب والدواء: فتور يعتري الشارب وضعف. (ابن منظور، ص232).
5- المخدرات اصطلاحاً:-
· المادة التي يؤدي تعاطيها إلى حالة تخدير كلي أو جزئي مع فقد الوعي أو دونه، وتعطي هذه المادة شعوراً كاذباً بالنشوة والسعادة، مع الهروب من عالم الواقع إلى عالم الخيال.
· هي كل مادة تؤدي إلى افتقاد قدره الإحساس لما يدور حول الشخص المتناول لهذه المادة أو إلى النعاس، أو النوم لاحتواء هذه المادة على مركبات مضعفة أو مسكنة أو منبهة، وإذا تعاطاها الشخص بغير استشارة الطبيب المختص أضرته جسمياً ونفسياً واجتماعيا (الخطيب 1990،ص13).
6- المخدرات علميا:مواد كيميائية تسبب الميل الشديد للنوم والنعاس وموجات من غياب للوعي مصحوبة بتسكين للألم .
7- المخدرات قانونا:هي مجموعة المواد التي تسبب الإدمان على تناولها من قبل المتعاطي وتؤدي إلى أحداث تأثيرات غير متوازنة للمتعاطي بحيث تؤدي إلى صدور أفعال وتصرفات تؤذي النفس البشرية سواء على مستوى المتعاطي والمدمن أو انعكاس لتلك السلوكيات الضارة على الآخرين بحيث تؤدي إلى أضرار بالمجتمع أو الإفراد وهي مواد محظور تصنيعها أو زراعتها أو تركيبها صيدلانيا بدون ترخيصات قانونية.

8- المخدرات نفسيا:هي المواد التي تسبب لمتعاطيها انفعالات جانحة وسلوك غير قويم بسبب ذهاب عقله نتيجة تعاطي لتلك المواد ونسبب له نوع من القلق النفسي والاكتئاب وضعف الطموح الاجتماعي والإرادة فتؤدي به إلى سلوك المنحرف والجريمة التي يسلكها لغرض الحصول على الأموال بطرق غير مشروعة لتمويل تعاطيه لتلك السموم.(سعيد، وآخرون2005،ص4-5).
9- المخدرات تربويا: هي مادة تأخذ إما عن طريق الشم أو الفم أو الحقن ، تؤدي إلى تخدير متعاطيها ثم إصابته بالأمراض قد تؤدي به إلى الموت .وهي خدر يصيب العضو والخـدر هو الفتـور والكسل والتحير الذي يعتري المتعاطي في تصرفاته وتكاسل عـن القيـام بأعمـاله وواجباته اتجاه المجتمع أسوة بأقرانه. 
10- المخـدرات شـرعا : هو ما غيب العقل والحواس دون أن يصحب ذلك نشوة أو سرور أما إذا صحب ذلك فهو السكر والمخدرات كالخمـر كلاهمـا يخمر العقـل أو يحجبه وقد حرم الشرع كل ماله هذا التأثير .(المغربي،1971،ص15) [العلاقة بين المخدرات الانترنت و يعد إدمان المخدرات آفة تصيب الفرد والمجتمع فضلا عن الإمراض والمشكلات التي تلحق بالمدمن فان البنيان الاجتماعي يتصدع وينهار، حيث تتفكك الروابط الأسرية وتتدنى قدرة الإنسان على العمل فيقل الإنتاج كما يتزايد عجز الشباب عن مواجهة الواقع والارتباط بمتطلباته وتتفاقم المشكلات الاجتماعية ويتزايد عدد الحوادث والجرائم مثل كثرة الخلافات الأسرية والطلاق وتشرد الأبناء تزايد حوادث العنف والاغتصاب والسرقة والقتل والانتحار

الأسباب الباعثة على الإدمان

يمكن تقسيم الأسباب الباعثة على الإدمان إلى:

1ـ أسباب شخصية 
2 ـ أسباب اجتماعية
3ـ أسباب اقتصادية 
4ـ أسباب صحية 
5ـأسباب سياسية 
أولا : الأسباب الشخصية:
1)ضعف الوازع ا لديني :

الإيمان صمام أمان يضبط تصرفات المسلم ، فلا يقدم على ماحرم الله عز وجل عليه ، وإن خلا عن أعين البشر ، وقوانين البشر ، لأنه يراقب رب البشر ، ويعلم أنه سيقف بين يديه في يوم عسير يحاسب فيه على النقير والقطمير الناس فيه فريقان } فريق في الجنة وفريق في السعير )
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ، والتوبة معروضة بعد " متفق عليه[رواه البخاري كتاب الأشربة / باب قول الله تعالى ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس) ص 991 برقم 5578 ، ومسلم كتاب الإيمان / باب نقصان الإيمان بالمعاصي ونفيه عن المتلبس بالمعصية ، على إرادة نفي كماله ص 45 برقم 202]
2)الفراغ :

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم : " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ "  رواه البخاري كتاب الرقاق / باب الصحة والفراغ ولا عيش إلا عيش الآخرة ص 1113 برقم 641]
مع كل أسف فشلت كثير من الأسر والمدارس والمجتمعات في استيعاب الشباب ، واستثمار طاقاتهم .
فهناك شريحة كبيرة من الشباب تكتظ بهم الشوارع لا هم لهم إلا قتل الوقت ، وقد تنبت في هذه البيئة الخصبة نبتة الانحراف والسلوك الشاذ فتنمو ، وتجد في فراغ الشباب ما يدفعهم إلى تبنيها وممارستها .
3)الأفكار الكاذبة والاعتقادات الخاطئة ، ومنها :

1- الاعتقاد بأن المخدرات تقوي القدرات الجنسية ، أو تطيل مدة الجماع :
وقد أثبتت الأبحاث الطبية والدراسات العلمية العكس ، فالمخدرات تؤدي إلى الهبوط الجنسي ، والعنة ، وتسبب العقم .
2- الاعتقاد بعدم حرمة المخدرات :
يعتقد بعض المسلمين أن المخدرات إن لم تكن مباحة فهي على أسوء الأحوال مكروهة .
ومما لا شك فيه - عند أهل العلم - أن المخدرات محرمة في الشريعة الإسلامية بل هي كبيرة من كبائر الذنوب .
3- الاعتقاد بأن المخدرات تجلب المتعة والسرور : 
وسبب هذا الاعتقاد الدعايات المضللة التي ينخدع بها متعاطوا المخدرات ، لا سيما المبتدئين. 
4)التقليد والمجاملة :

أما التقليد فهو سمة بارزة في حياة المراهقين الذين يستقبلون مرحلة الرجولة ، ويريدون أن يظهروا أمام الآخرين مكتملي الرجولة .
ويرتبط بالتقليد أمر آخر وهو المجاملة . والفرق بينهما أن التقليد يصدر عن اقتناع ، أما المجاملة فلا تصدر عن اقتناع بالفعل ، وإنما يلجأ إليها الإنسان مجاراة لمن حوله .
5)حب الاستطلاع :

من المعلوم أن الإنسان مجبول على الرغبة في اكتشاف ما أخفي عنه . 
وهذا الدافع يزداد بشكل ملحوظ في مرحلة المراهقة ، فالمراهق قد يدفعه الفضول وحب الاستطلاع إلى تجربة تعاطي المخدرات ، مما يجعله فريسة للإدمان .

ثانيا :الأ سباب الاجتماعية
العامل الأسري : ويدخل تحته صور عديدة منها :-
إهمال الوالدين في تربية الأولاد ، وعدم مراقبة تصرفاتهم ، واختيار رفاقهم .
قيام الأسرة على أسس تربوية خاطئة ، وعدم العناية بالتربية الإسلامية .
القدوة السيئة بعدم استقامة الوالدين .
التفكك الأسري بسبب كثرة الخلافات بين الزوجين ، أو حالات الطلاق .
غياب أحد الوالدين عن المنزل لفترة طويلة .
سوء معاملة الأولاد : إما بالإفراط في التدليل وتلبية الرغبات ، و إما بالقسوة والحرمان .
رفقة السوء :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " 0رواه الترمذي وأبو داود [رواه الترمذي كتاب الزهد / باب حديث الرجل على دين خليله ص 542 برقم 2378 ، وأبو داود كتاب الأدب / باب من يؤمر أن يجالس ص 683 برقم 4833 وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة 927]0
الإنســان اجتماعي بطبعه ، فهو يتأثر ببيئته ، ويكتسب عاداته الحسنة أو السيئة من جلسائه ، وقد قيل :
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينـه 
فـكل قـريـن بالمـقارن يـقتدي
إذا كنت في قوم فصاحب خيارهـم 
ولا تصـحب الأردي فتردى مع الردى
السفر للخارج :
فقد أثبتت البحوث الميدانية أن عدداً من متعاطي المخدرات بدأوا في تعاطي المخدرات أثناء سفرهم إلى الخارج للسياحة أو التعليم ، حيث سهولة الحصول على المخدر ، وتوفره بأسعار زهيدة.
1)تأثير بعض وسائل الإعلام :

على الرغم من أهمية دور وسائل الإعلام في رفع درجة الوعي ووقاية المجتمع من المخدرات ، إلا أنها في بعض الأحيان تؤدي دوراً عكسياً في هذا الجانب ، ومن ذلك :
1 - الخطأ أو القصور في معالجة هذه الظاهرة ، سواء بعرض بعض مظاهر التعاطي وتأثيرات المادة على الجسم ، أو تفاصيل وكيفيات تعاطي المادة مما يحدث نوعاً من حب الاستطلاع و التجربة .
2 - عرض بعض الأفلام السيئة التي لا تخلو من حفلات راقصة وتعاطٍ للخمور والمخدرات ، وتقديمها في قالب الرقي والتمدن.
ثالثاً :-الأسباب الاقتصادية :
وتتضمن هذه الأسباب جانبين :
الجانب الأول ) الفقر وسوء الأحوال المادية :
فإن الفقر والأزمات الاقتصادية كالغلاء والبطالة وتراكم الديون قد تدفع الإنسان إلى تعاطي المخدرات هروباً من واقعه السيء ، وقد تجره إلى ترويج المخدرات طلباً للحصول على المادة .
الجانب الثاني ) الغنى و الترف :
فإن توفر المال مع عدم وجود الحصانة الدينية والخلقية قد يؤدي إلى البطر و الانغماس في الشهوات المحرمة ،وإنفاق الأموال على المواد المخدرة ، وصدق الله تعالى إذ يقول :( كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى ).
رابعاً :- الأسباب الصحية:
وتتضمن هذه الأسباب جانبين :
الجانب الأول ) اعتلال الصحة البدنية :- ومن صوره :
العلاج من الأمراض بالعقاقير المخدرة :-
قد يكون المريض الذي يتلقى علاجاً يحتوي على مواد مخدرة ضحية للإدمان عليها بسبب إساءة استخدامه ، أو زيادة الجرعة المقررة .
التداوي الذاتي باستخدام بعض الأدوية كالمهدئات و المنومات بدون استشارة طبية .
الجانب الثاني ) اعتلال الصحة النفسية :
ومن ذلك القلق و الاضطراب النفسي الناتج عن سوء المعيشة ، أو المشاكل الاجتماعية ، أو التعرض للفشل المتكرر ، فيتعاطى المخدرات للهروب من الواقع المؤلم .
خامساً:-الاسباب السياسية : 

يرتبط انتشار تعاطي المخدرات في بعض المجتمعات بالسياسات التي تنتهجها بعض الدول تجاه غيرها .
فعلى سبيل المثال قامت بعض الدول في ظل الحملات الاستعمارية بنشر المخدرات في مستعمراتها ، لإرهاق أبنائها وإضعافهم ، و ما حرب الأفيون (1840م - 1842م ) إلا مثال واضح على هذه السياسات فقد شن الاستعمار البريطاني الحرب على الصين بسبب رفضها الاستمرار في تجارة الأفيون ، وبانتصار بريطانيا فرضت على الصين فتح موانيء جديدة لاستقبال الأفيون ، كما ألزمت الصينيين بدفع ثمن الأفيون الذي تمت مصادرته.
وفي البلاد العربية تقوم إسرائيل بدور كبير في إغراق الدول المجاورة بالمخدرات ؛ فقد زرع اليهود الحشيش في فلسطين المحتلة و وهربوه إلى الدول المجاورة ، ولما فشلت زراعة الحشيش فتحت إسرائيل أبوابها لعصابات التهريب وقدمت لهم المعونة لتحقق أهدافاً استراتيجية من أهداف السياسة الاسرائيلية[المخدرات ..الرائد :سالم بن خالد الحمود :ادارة التوعية الدينية بوزارة الداخلية السعودية].



التعاون المدرسي

                   التعـــــــــــــــــاون المــــــــــــــــــدرسي      




التعاون المدرسي حركة تربوية متجددة تعتمد عنصر التنشيط والتواصل لدعم العمل التعليمي النظامي ، والقيام بنشاطات تربوية تعاونية مندمجة وموازية تهدف بالأساس الى اقدار المتعلمين على ايجادة تقنية التعلم الذاتي والتعلم التشاركي ورفع دافعيتهم اليهما ، والى المساهمة في انفتاح المؤسسةالتعليمية على المجتمع وفي تنميته .
أهداف التعاون المدرسي :
يرتبط التعاون المدرسي بمجموعة من الأهداف العامة :
1-تنمية الشخصية الخلاقة والفكر النقدي البناء للمتعلم .
2-ترشيد سلوكات المتعلمين .
3-تأصيل احترام المتعلمين للعمل اليدوي ، واكسابهم اتجاهات ايجابية نحوه .
4-جعل المؤسسة خلية نشيطة يعود فيها المتعلمون على على المناقشة في اطار الروح الجماعية .
5-افساح مجال التواصل والتعاون الفعالين المستمرين بين أطراف البيئة التعليمية .
6-تكوين اتجاهات صحية سليمة لديهم نحو الجسم بصفته عضوا ناميا ، يحتاج الى الوقاية الصحية والتغدية المتوازية والتربية البدنية....مع العمل على تنمية كفاياتهم الجسمية ومهاراتهم الحركية وعلى تهديب قوامهم .
7-مساعدة المتعلمين على التوافق مع محيطهم الفزيائي والاجتماعي والثقافي .
8-تحبيب المدرسة الى نفوسهم عن طريق تحويلها الى بيئة لائقة ماديا واجتماعيا .
9-تنمية الوعي البيئي لديهم معرفة وعقيدة وسلوكا .
يعتبر التعاون المدرسي من أهم العوامل الأساسية لتنمية بيئة مدرسية ناجحة في المستقبل ونظرا لاختلاف وتعدد مجالات و صور التعاون ومستوياته داخل المدارس والمجتمعات التي يتواجد فيها فكثيرا ما يواجه المهتمين بهذا الموضوع من أكاديميين ومهنيين صعوبة في وضع تعريف محدد للتعامل المدرسي فمن الممكن أن يتم التعاون بطريقة محدودة أولا محدودة بصفة شخصية أو جماعية كما خمن الممكن أن يأخذ المجالات التالية : تعاون الطالب – الطالب في كل من الفص والنشاطات اللامنهجية تعاون المعلم – الطالب في كل من الفصل والنشاطات اللامنهجية , تعاون المعلم – المعلم في أمر بحد ذاته أو عدة أمور مشتركة , تعاون بين الإدارة – المعلم في

مجالات القيادة المدرسية والحكومية , تعاون بين ولي الأمر – المعلم في أمور تتعلق بإنجازات الطلبة وسلوكياتهم , تعاون ولي الأمر – الإدارة في أمور تتعلق بمجالات القيادة المدرسية والحكومية وإنجازات الطلبة , تعاون المدرسة – المجتمع في أمور
ذات أهمية للمدرسة والمجتمع تعاون المدرسة – المدرسة في مجالات معينة ذات أهداف مشتركة . ويركز هذا البحث على تعريف التعاون كمساهمة فردية من جميع أعضاء المجتمع المدرسي من أجل رؤيا تعاونية ثقافية جماعية .

وتواجه مجتمعاتنا المدرسية والجامعية حاليا نقص في التعاون الفردي والاجتماعي يمنعهم من إدراك حقيقة طاقاتهم الكاملة وكيفية شحذ الطاقات الطلابية فالتعاون كقيمة وهدف اجتماعي أو جماعي لم يصل بعد إلى درجة الأهمية التي يجب أن يكون عليها كما أنه لم يصل بعد إلى تلك الدرجة من الأهمية بين المؤسسات المتفرقة والتي لها أهداف مشتركة ومشاركتنا في هذه الندوة عن مدارس المستقبل تأتي

نتيجة يقيننا بشكل أو بآخر بمدى قوة وأهمية التعاون هذه الدراسة تحتوي على أساس بحثي قوي يوضح أهمية التعاون (ليس فق للقلة المنتقاة) بل للأعضاء الأساسيين من أجل تحسين نوعية المدارس والمحافظة على مستواها من منطلق هذا التصور للنوعية سوف يتم
مناقشتها من خلال أطر التدريس والقيادة المدرسية والذي سوف يتمحور حول أربع نقاط أساسية .
أولاً: المفهوم الاجتماعي للتعليم ملازم لطبيعة المدارس جون ديوي تكلم عن هذا التصور منذ حوالي مائة عام , لطالما كانت هذه هي الحالة وسوف تظل على هذا المنوال حتى في المستقبل . بغض النظر عما ستؤول إليه المدارس في المستقبل . المدارس بطبيعتها مجتمعات تتكون من أفراد يعملون معا من أجل تحقيق أهداف مشتركة . لكن لماذا نحن كمعلمين لا نعكس بطريقة مؤثرة الحقيقة التي نعلمها من خلال ممارستنا للمهنة؟ وكيف يمكننا أن نلوم الطلاب على عدم فهمهم لما لا نمثله نحن شخصيا؟

ثانياً: كما أن هناك عدة أبحاث تنص على أهمية التفاعل مع الآخرين من خلال التعاون خاصة إذا تم فهم القيمة المرجوة من وراءه وتوضيح المنافع التعليمية المتوقعة منه بصورة لائقة بواسطة معلمين وقياديين تربويين آخرين الأمر الذي ينتج عنه حث الطلبة على بلورة مهارات فكرية ذات مستوى عال مهمة لنجاحهم في المجال الدراسي والاجتماعي وعلى الأخص تنمية المهارات الفعالة اللازمة لخوض غمار الحياة سواء كان العمل التعليم العالي أو الزواج وتكوين العائلة .

ثالثاً : عندما ننظر إلى العالم المتغير من حولنا وندرس ما اقترفه الآخرين ممن أخطاء ندرك الحاجة الملحة للحفاظ على القيم الاجتماعية

والعائلية وأيضا الموازنة ما بين التقاليد والحداثة في الكثير مما يسمى بالأمم النامية حول العالم هذا خاصة لما لوحظ مؤخراً من انطلاقة فكرية تؤكد على مبدأ التعاون المبني على تنمية المهارات الشخصية والتعليم من خلال التفاعل الاجتماعي لمواجهة التفكك العائلي وانهيار القيم الاجتماعية في حين أن دراسة الحالات من الخارج (خاصة الولايات المتحدة و اورباء) المتعلقة بحالات العنف المتزايدة في المدارس والسلوكيات الأخلاقية الغير لائقة أصبحت مثيرة للقلق , يمكننا أن نتعلم دروس مهمة للغاية من التجارب الصعبة التي يمر بها الآخرين وذلك بدراسة محاولاتهم لإعادة التأهيل من خلال التعاون و النظر إلى قدرته الفعالة لإعاقة تكرر مثل هذه المآسي أو ظهورها من البداية . 

وخيرا فإن وجودنا الإلزامي وبون استعداد كأعضاء في المجتمع الدولي يحتم علينا سواء رضينا أم أبينا في كثير من الأحيان فإن طلابنا للمشاركة في هذه المجتمع الدولي إذا رغبنا في أن نكون أعضاء ناجحين ومساهمين فيه.

فتعدون الفعال يمكنه أن يؤثر إيجابيا في تطوير المدارس على المستوى الأكاديمي وتحسين الممارسات التعليمية مما يبدو لوهنة الأولى

أن تحقيق هذه الأفكار في غاية البساطة والتي يعليها يمكننا مناقشة تحسين أوضاع المدارس في المستقبل ذلك أتى الهدف الأساسي من هذا البحث في تشجيع انعكاسات المعلمين الشخصية التي نأمل منهم تبنيها في مجتمعاتهم المدرسية حتى يستمر الحوار ويكون له
مزايا بناءه في التخطيط الاستراتيجي من أجل تحسين نوعية المدارس في المستقبل 

الحاضر وبعض ملامح المستقبل

علم النفس: الحاضر وبعض ملامح المستقبل د. طه النعمة




لو شئنا الإجابة على السؤال الآتي: أين هو علم النفس الآن، وهل بمقدورنا استراق لمحة على ما يمكن أن يكون عليه مستقبله؟ فإننا يمكن أن نبدأ من هذه النقطة ؛ ما الذي يجعل من نظرية ما نظرية جيدة؟ واستطراداً، ما هي النظريات المرشحة، أكثر من غيرها، للاستمرار والبقاء؟ هناك، كما لا يخفى، العديد من الإجابات على مثل هذه التساؤلات، وغالبيتها تؤكد على ضرورة أن تكون النظرية، خصوصاً في علم النفس، قابلة للتطبيق في المجال الذي تتناوله. ويوضح البعض ذلك بالقول إن كان العلم يعني المعرفة واكتساب القدرة على الفهم وما شاكل ذلك، يصبح من الصعب تصور علم للسلوك لا يعين دارسه على استخدام معرفته وفهمه في التوصل إلى حلول لمعاضل بعينها.

يمكن القول إن النظرية الجيدة يجب أن تتوفر فيها، إضافة إلى هذه السمة، السمات الآتية:
- أن تكون لها القدرة على التفسير والتوضيح، وجودتها تتناسب طردياً مع اتساع المجالات التي تتناولها بالتفسير والإيضاح.
- أن تكون قادرة على توقع قضايا مبتكرة لم تتوصل إليها النظريات التي سبقتها.
- أن تكون متماسكة ومتناغمة مع نفسها داخلياً ومع غيرها من النظريات خارجياً.
- أن تكون ذات أفق واسع، وأن تمتد إلى أبعد من الملاحظات والقوانين والنظريات الفرعية التي صممت أساساً لتفسيرها.
- أن تكون النتائج التي تخمنها متوافقة مع نتائج التجارب والملاحظات القائمة.
غني عن البيان أن نظريات علم النفس المعاصرة، عموماً، تتطابق على الأقل في نقطة واحدة، هي ؛ إن أي منها لا تتوفر فيها جميع السمات المذكورة آنفاً. كل واحدة منها تفتقر إلى هذه السمة أو تلك، إلا أن ذلك لم يحل دون استمرار أي منها، ولم يحدّ من إمكانية الاستعانة بها لفهم هذا السلوك أو ذاك، أو في استخدامها للتعامل مع هذه المعضلة أو تلك. لذا من الممكن أن تبرز، في المستقبل، أفكار أو نظريات جديدة أو معدلة لنظريات قائمة، ولكن من غير المتوقع أن تزول النظريات القائمة قريباً.
من ناحية أخرى فإن التساؤلات الأساسية التي لاحقت علوم الإنسان عموماً وعلم النفس خصوصاً عقوداً طويلة، والتي تتمحور حول قدرتنا على التعاطي مع تلك العلوم بنفس الطريقة التي نتعاطى بها مع العلوم الطبيعية والصرفة أو إخضاعها لذات القوانين التي تخضع لها تلك العلوم، يرجح أن تبقى، على الأقل في المستقبل المنظور، مثيرة للمزيد من الجدال.

وأهم العوامل التي ستبقي ذلك الجدال حياً، هي:

أولاً، السياق التاريخي والفردي للحادثة النفسية، وكما يشير إلى ذلك ميرلو بونتي في أن ماهية الإنسان، ككل الظواهر التي نستقي منها معناها، لا نستطيع فصلها عن الحياة والتاريخ. وبما أن الخبرة التاريخية الفردية حدث تاريخي فريد ليس بالإمكان استعادته بكليته، فإن علم النفس، على الأقل في جانب منه، يمضي من الخاص إلى الخاص ومن العياني إلى العياني، بينما تمضي العلوم الطبيعية والصرفة من الخاص إلى العام ومن العياني وصولاً إلى المجرد. إذ من غير المتوقع أن تكوّن الحياة النفسية نظاماً من العناصر اللاشخصية التي يمكن مقارنتها بعناصر الطبيعة، فكل فعل إنساني له معنى وإن مهمة علم النفس الأساسية هي فهم هذا المعنى. وهذا يقودنا إلى أهمية منهج الفهم في دراسة العلوم السلوكية والاجتماعية، وهو فهم مرتبط بالقصدية التي تمكننا من تمييز الظواهر الإنسانية عن سائر الظواهر الطبيعية ؛ إذ ما معنى القول إننا نفهم سلوكاً معيناً؟ إن ذلك يعني إننا ندركه من الداخل، أي من خلال القصد الذي يحركه، وإدراك القصد يعني تأشير ما هو إنساني في هذا السلوك وهذا بالضبط ما يميزه عن أية ظاهرة طبيعية أخرى.

وحتى على مستوى علم الأحياء، كما يشير إلى ذلك أيان تاترسال، نحن نستطيع دراسة عمل الجزيئات الوراثية داخل كل خلية بواسطة الطرق العلمية التجريبية، ولكن ما لا نستطيع اختباره مباشرة بواسطة التجريب هو تاريخ هذه الجزيئات؛ كيف- على وجه التحديد- أصبحت على ما هي عليه؟ وكيف أمكن لصفاتها أن تتوزع في الطبيعة على النحو الذي نلاحظه الآن؟ هذه قضايا تخص التاريخ، وهذا التاريخ لا يمكن تكراره في المختبر. الباحثون التجريبيون يتخذون من توقعاتهم نقاط انطلاق لبحوثهم، ومن ثم يقارنون بين البيانات المتحصّلة وتلك التوقعات، كذلك تفعل العلوم التاريخية، ولكن الفارق في هذه الحالة أن التجربة قد أجريت في وقت مضى.

من الأفكار الرئيسية التي يؤكد عليها المتمسكون "بالحقائق العلمية الصلبة" في نقدهم بعض أطروحات العلوم التاريخية، استناداً إلى كارل بوبر، هي أن النظرية لن تكون علمية إن هي صيغت بطريقة لا تقبل "التكذيب". هذه الفكرة، كما يقول تاترسال، ليست سليمة تماماً في جوهرها، إذ إنها تدعو إلى التساؤل ؛ من أين تأتي الأفكار، جيدها ورديئها، ابتداءً ؟ وهل هناك قواعد مقننة للإبداع الإنساني؟ ويجيب ؛ بالطبع لا. فالعلم، كما هو حال كل مسعى إنساني، يعتمد على الفكر المبدع والحدس.

في هذا الإطار يقول أينشتاين: "إذا تفحصنا بدقة كيف نعثر على مفاهيم جديدة في العلم يتضح لنا أن مبادئ مثل قانون القصور الذاتي أو النظرية النسبية لا يمكن اختراعهما بأية طريقة علمية تقليدية، استدلالية كانت أو استقرائية، ولكن يتم ذلك فقط باستخدام قدر من الابتكار أو الخيال أو، في أحيان كثيرة، الحدس". لذلك فإن الخبرة العملية تثبت المرة تلو المرة أن التمسك "بالحقائق الصلبة"، دون القدرة على الإفادة من التعميمات العريضة والحدس، من شأنه أن يجعل أفكاراً مثل النسبية في الفيزياء والداروينية في الأحياء، فضلاً على الكثير من أطروحات علمي الأناسة والاجتماع، غير علمية.

ثانياً، صعوبة عزل وقع أو أثر الملاحظ أو الباحث عن الخبرة التي يلاحظها أو التجربة التي يجريها وإمكانية تأثر تأويلهما بخبراته وقناعاته المسبقة. فعلى خلاف ما يحدث في العلوم الأخرى، الملاحظ والباحث في علم النفس هما في أغلب الأحوال جزء لا يتجزأ من المنظومة الإخبارية.

ثالثاً، معضلة الوعي الإنساني ؛ إذ على الرغم من اعتقاد بعض الدارسين بأن الوقت قد حان للبحث عن الموصلات العلائقية العصبونية الخاصة بالوعي، كما يفعل جون اكلس، فإن دارسين آخرين، كروجر بنروز، لا زالوا يعتقدون أن الوعي أرض محرمة على دارسي السلوك. وبينما يقر اكلس، من جهته، بأن الوعي يقع خارج الكون المادي، إلا أن ذلك لا يحول دون تفاعله مع ذلك الكون أو أن يكون في حالة من التعاطي المتبادل معه. وجهة النظر هذه يطلق عليها اكلس المثنوية التفاعلية. والمثنوية، التي ترجع على الأقل إلى ديكارت، تضع الفهم الجدلي للوعي بعيداً عن متناول العلم. إلا أن اكلس يدعي أنه- من خلال مثنويتة التفاعلية- تمكن من تشخيص أو تعرف الموقع الفيزيقي والآلية الفيزيقية التي يؤثر فيها الوعي غير المادي على الدماغ المادي. فهو يرى أن المدخلات الاشتباكية إلى العصبونات الهرمية اللحائية هي التي يمكن أن تقع تحت تأثير الوعي، أي هي الموضع ( بنية وفعالية) الذي يمكن للوعي من خلاله التأثير في الدماغ. ووفق هذا الرأي، فإن معدل اندماج الحويصلات الاشتباكية مع الغلاف قبل الاشتباكي يمكن زيادته بواسطة الوعي بطريقة لا تمس الحاجة فيها سوى إلى تناوبات أو تعاقبات في معدل التنفيق (tunneling) الميكانيكي الكمي(1). من جهته يتقبل بنروز فكرة كون الوعي هو فعالية دماغية، إلا أنه يؤكد على أن النظريات الفيزيائية السائدة ليست كافية لإعطائنا فهماً مناسباً للوعي. وهو يعارض بشدة فكرة الذكاء الصنعي، مسنداً حجته إلى نظرية كيرت كودل، التي يرى أنها تبين على نحو واضح عدم جواز شمول الوعي الإنساني بأية عمليات محوسبة أو جبرية، فضلاً عن أن عمليات الوعي لا يمكن تفسيرها بواسطة قوانين الفيزياء الحالية أو التحاسب معها وفق تلك القوانين، سواء ما كان منها قوانين الفيزياء التقليدية أم قوانين فيزياء ميكانيكا الكم. ولكن باحثين عديدين من جميع أرجاء الطيف العلمي المهتم بسلوك الإنسان ينكبّون الآن على محاولة فهم الوعي الإنساني الشامل. والآراء في هذا المجال من التنوع والاتساع مما يستدعي أن يكون هناك مؤلف خاص بها.

التطورات المتوقعة

في جانب آخر تشهد ساحة علم النفس تطورات من المتوقع أن تترك بصمات واضحة على العلوم النفسية والسلوكية في المستقبل المنظور، إن لم تكن قد تركت بالفعل بعض تلك البصمات. أول وأهم تلك التطورات هو التقارب الحاصل بينها وبين العلوم الإحيائية، والذي يمكن ملاحظته في طائفة من المجالات من أبرزها:

أولاً، تعرف خارطة المورثات البشرية ( الجينوم البشري )، فقد أصبح لدينا منذ حزيران ( 2000 م) كتاب للشفرة الوراثية البشرية، ورغم أننا لازلنا بحاجة لفهم الكثير من معاني تلك الشفرة، إلا أن إحدى النتائج الأولية التي تم التوصل إليها هي أن مكونات الجينوم البشري لا تتعدى الثلاثين ألف جينة في مقابل حوالي مائة ألف جينة كان يعتقد بوجودها سابقاً. ويعادل ذلك ضعف ما تملكه ذبابة الفاكهة من جينات فقط، ولا يزيد سوى بثلاثمائة جينة عن تلك التي يحملها الفأر.

ويوضح هذا الرقم المتواضع بأننا، إن شئنا فهم السمات المركبة للكائن البشري، علينا البحث عن صيغ أكثر تركيباً وتعقيداً للدور الذي تؤديه الجينات وطريقة عملها خصوصاً في مجال السلوك. الأمر الذي يضعف الاعتقادات السائدة في إمكانية أن يكون سلوك معين محكوماً بجينة واحدة بعينها، فضلاً عن أن ذلك من شأنه أن يساعد، من جهة أخرى، على إمكانية تتبع مكونات السلوك على المستوى الجزيئي.

ثانياً، بحسب بلومان وزملائه فإن الدراسات الحديثة حول الأسرة والتوائم والتبني تظهر أن تأثيرات البيئة هي الأشد وقعاً على السلوك. إلا أننا لا زلنا لا نعرف سوى القليل عن التأثيرات النوعية للبيئة. لذا نحن بحاجة إلى المزيد من المعرفة حول الخبرات الفردية التي يمكن أن تؤدي، على مسار النماء، إلى إحداث الفروق. المثير إننا ربما كنا على أبواب الحصول على الخصائص الجينية النوعية التي يمكن أن تؤلف أسس معرفتنا حول هذه الخبرات. خصوصاً وأن التطورات الراهنة المتأتية من التقدم في علم الجينات الجزيئي تفيد بأن التأثيرات الجينية تحدث فقط بالاقتران مع التأثيرات البيئية، أو بواسطة الأفعال المتآزرة (co-actions) حسب تعبير كوتليب، فضلاً عن أن أنماط الأفعال المتآزرة تتغير عبر النماء، كما أنها غاية في الدينامية الاعتمالية وموسومة بتعاطي متبادل بين الخبرات الفردية والتأثيرات البيئية والجينية، وهذا التعاطي يتواصل على مختلف المستويات وبمختلف الوسائل. والحاجة إلى معرفة المحيط الذي يتم اختباره خلال النماء برزت بصورة خاصة بعد التقدم الذي تحقق على نقاط التماس بين علوم السلوك وعلم الأعصاب النمائي.

ثالثاً، يتضح أكثر فأكثر أن مسار العلاقات بين الدماغ والسلوك ذو اتجاهين، وهذه الحقيقة تبرز أكثر ما يكون خلال النماء المبكر، فالإنتاجية العالية للموصلات العصبونية والعقد الإشتباكية خلاله أدت إلى تقدير دور الخبرة في التأثير في تأسيس وإدامة وتشذيب المسارات العصبونية. وبحسب كرينوف وزملائه هناك نوعان من الخبرات التي تمس الحاجة لها لإسناد الموصلات العصبونية ذات العلاقة بالتكيف والمهيِأة إحيائياً، وقد أطلقوا على الأولى مترقبات أو متوقعات الخبرة (experience-expectant)، ومن أمثلتها العلاقة بالأم وبعض المدخلات البيئية المبكرة الضرورية لنماء قدرة الدماغ على الإبصار وكذلك بعض المدخلات الضرورية لنماء مستلزمات القدرات اللغوية. أما الثانية فهي توابع الخبرة أو تلك المعتمدة على الخبرة (experience-dependent)، كما هو حال المدخلات الخاصة بالعلاقة مع باقي أفراد الأسرة والخاصة بالتعلم والتي تؤثر في نماء الدماغ بطرق أكثر تنوعاً وأقل تحدداً بالتوقيتات.

وهذا أمر يستقيم مع الملاحظات النفسية التقليدية التي تؤكد على أهمية السنوات الأولى من عمر الإنسان، والتي، غالباً، ما يعتقد أنها تشكل الخطوط الأساسية لملامح الشخصية الراشدة: فما نتلقاه من الآخرين المهمين وما نتبادله معهم خلال سنوات حياتنا المبكرة يخترقنا ويستقر داخلنا دون أن نملك إزاءه رفضاً أو قبولاً، أو بحسب المفاهيم النفسية الشائعة، نستدمجه في معمار نفوسنا، أي أننا، في حقيقة الأمر، نستدمج أسرنا داخلنا ؛ أنساقاً وعمليات، عناصر مفردة ومجموعات، أشخاصاً ومفاهيم،، قيماً ورموز، تحيزات وعادات، وأنظمة وتقاليد. هذا الاستدماج التجريدي المُستقرأ يمكن أن يكتسب، الآن، بعداً عيانياً مادياً أيضاً، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن دماغ الإنسان يتألف، من قرابة المئة ألف مليون عصبونة، كل عصبونة عبارة عن معالج دقيق، إلا أن هذه المعالجات هائلة العدد ليس بمقدورها أداء وظائفها ما لم يتم توصيل بعضها ببعض. بعض تلك التوصيلات جاهزة منذ البدايات الأولى، أو كما يطلق عليها البعض التوصيلات العصبونية الراسخة، ولكن قسماً كبيراً من شبكة الموصلات يتم إنشاؤها في الفترة الواقعة بين ما يسمى بالولادة الطبيعية والولادة الاجتماعية، أي بين الانفصال عن رحم الأم والانفصال عن رحم البيت عند بلوغ سن المدرسة، وهي الفترة التي يمضيها الفرد أساساً في كنف الأسرة. أي أن هذه التوصيلات تنمو وتتشابك تحت التأثير المباشر للأسرة، مما يجعل الأسرة، بكافة صفاتها وأبعادها التي سبق ذكرها، حاضرة في الشبكة الاتصالية الدماغية. وهذا يعني أن الأسرة لا تسهم في البناء النفسي للفرد من خلال صياغة قناعاته وتوجهاته وتحديداته وتفضيلاته فقط، وإنما أيضاً، جزئياً على الأقل، في تشكيل دماغه عضوياً، وتقرير الكيفية التي سيعمل بموجبها مستقبلاً. والأسرة في هذا الإطار لا تمثل نفسها فقط، وإنما يمتد من خلالها تأثير البيئة الاجتماعية بكافة أبعادها.

التطور الثاني هو التطور الحاصل في علم النفس المعرفي في السنوات الأخيرة، والمتمثل في زيادة عدد النماذج المحوسبة في الإدراك، وفي تنوعها وتطورها. وكذلك في الجدارة النسبية لنماذج الحوسبة الربطية والحوسبة الرمزية داخل علم النفس المعرفي، إذ أن هناك محاولات حثيثة للربط بينهما في أنظمة هجينة للاستفادة من جوانب القوة لكليهما وتوسيعها.

وتعد العلاقة بين الانفعال والإدراك مجالاً حديثاً في الدراسة أكد عليه علماء النفس المعرفيون بعد أن كان مهملاً من الباحثين التقليديين. وقد وسعت نتائج الدراسات المتعلقة بهذا الموضوع فهمنا لكيفية تأثير الانفعالات في تفكيرنا، واقترحت طرائق نستطيع بواسطتها تحسين أدائنا في ظل الظروف الضاغطة.

ثالث التطورات يتمثل في التقدم الحاصل في العلوم العصبية وفي تقانات استبار وتفرّس الفعاليات الدماغية المختلفة بغية التعرف على تكويناتها وموصلاتها العصبونية، وخصوصاً التصوير الوظيفي بالرنين المغناطيسي. فقد أصبح لدى علماء الأعصاب وعلماء السلوك طائفة من الوسائل المتقدمة مكنتهم ولا زالت تمكنهم من القيام باستبارات لقياس التناشط الكمي لأجزاء الدماغ المختلفة ومعرفة أية أجزاء منه مسؤولة عن أي وجه من أوجه السلوك. وعن طريق هذه الوسائل أمكن التعرف، في سبيل المثال لا الحصر، على بعض الأدوار التي تؤديها كل من اللوزة والهيبوكامبوس والفص- قبل الجبهي- في مختلف أوجه السلوك. وفي هذا الإطار أمكن التوصل إلى واحد من الاكتشافات التي قلبت أحد أشد الاعتقادات رسوخاً، عندما تبين أن الهيبوكامبوس في الفأر البالغ "يولّد" عصبونات جديدة، وإن هذه العصبونات، بعد ولادتها وتكاملها، تهاجر إلى مناطق أخرى في الدماغ وتقوم بإنشاء توصيلاتها الخاصة جاعلة من نفسها إضافة جديدة إلى بنية الدماغ. ومن المتوقع أن تكون لهذا الاكتشاف، إن تأكد حصوله في دماغ الإنسان، انعكاسات ونتائج عميقة الأثر، عندما يصبح بالإمكان، كما هو متوقع، التحكم بإنتاج العصبونات الجديدة واختيار المناطق التي تهاجر إليها كي تعوض العصبونات الميتة أو المتعطلة أو التي تبدي اضطراباً في وظيفتها.

التطور الرابع هو بروز علم النفس النشوئي، وتمكنه من فرض وجوده على الساحة النفسية خلال زمن قياسي. يفضل علم النفس النشوئي أن يُنظر إليه على أنه نظرية حول أصول، أكثر منه، حول محتوى طبيعة الإنسان. فعلم النفس النشوئي يتفحص على نحو خاص العمليات السببية التي تقوم بإنشاء الآليات النوعية وليس الآليات ذاتها. وهو لا يطرح نفسه بديلاً عن المدارس الفكرية النفسية القائمة، وإنما يطرح نفسه إطاراً عاماً بمقدوره أن يشكل حلقة للوصل بينها. مفترضاً أن يكون بمقدور كافة المدارس الأخرى التواجد تحت مظلة تفسيراته الواسعة لأصول السلوك. وبالفعل نجد، الآن، أن العديد من المعرفيين والمحللين، في سبيل المثال، يتلاقون فيما بينهم ويقتربون من بعضهم على خلفية منطلقاتهم النشوئية. إلا أن الكثير من الحذر والقليل من الاندفاع يبدوان لا مفر منهما هنا. وهذا ما يؤكد عليه عالم الرئيسيات فرانس دي فال، مشيراً إلى أن تبني علم النفس للنشوء نظريةً موحدة لفهم السلوك الإنساني يبدو أمراً لا مفر منه، إلاّ أن الطريقة السطحية التي يقارب بها بعض الدارسين النفسانيين هذه النظرية، حسب تصوره، تثير الكثير من القلق.

وهذا الشعور ينطبق بصورة خاصة على مفهوم التكيف الذي يعني، لدى البعض، أن السمات تنشأ لمنفعة النوع. إلا أن علماء الأحياء شديدو الحذر في إطلاق مثل هذه الاستنتاجات، بينما في المقابل يفترض النفسانيون أن وجود السمة هو تكيف. فالصلع، مثلاً، عند الذكور يمكن أن يكون ذا أساس جيني ولكنه لا يؤدي، على الأرجح، دوراً في اللياقة النشوئية، ونفس الشيء ينطبق على مرض ألزهايمر. فالسمات تأتي على شكل رزمة، كما يقول دي فال، وبواسطة محتويات الرزمة بأكملها ولوحدها فقط تتوفر القدرة على البقاء والاستمرارية، وليس بواسطة سمة منفردة واحدة.

رغم ذلك فإن علم النفس، حسب قناعته، يحتاج نظرية النشوء كي توفر له أساساً لتوحيد نظرياته المتنافرة حول السلوك الإنساني. في نفس الوقت فإن علم الأحياء بحاجة إلى علم النفس ليساعده في فهم السلوك على نحو أفضل. ويتوقع دي فال أن يصبح علم النفس وعلم الأحياء فرعين لعلم واحد يصل بينهما مفهوم النشوء، وما على النفسانيين سوى تطبيق ذلك المفهوم على الكائن الحي بأكمله وليس على جزء منه.

هذه التطورات أثارت وسوف تثير، على الأرجح، العديد من التداعيات التي تجعل من بعض المنطلقات النفسية أوساطاً اتصالية بين العلوم الإحيائية والعلوم النفسية والاجتماعية، منها الآتي:

يتصف علم الإحياء المعاصر، في جانب منه، بأنه علم أَحياء التركيب المنظم، لذا فإن علم الأحياء النمائي هو علم أحياء التركيب المنظم التراكمي أو المتزايد. عندما بدأ فرويد يكتب أفكاره في بداية القرن المنصرم لم تكن بنية التركيب المنظم حاضرة في ذهنه، إذ كان منقاداً لروح عصره، وكان أفق نظرته متحدداً بالقانون الثاني للديناميكا الحرارية والإنتروبي(2)، وأفكاره كانت متوافقة مع البرامج المعلنة للعلوم الإحيائية آنذاك، أي في توجهها نحو تفسير السلوك وفق مقتضيات قوانين الكيمياء والفيزياء المعروفة في حينها.

معطيات المنظور العلمي المعاصر، على العكس، تؤكد على التركيب المنظم المتزايد والمتنامي. فالنماء الإحيائي يتجه تصاعدياً وليس تنازلياً، لذا يمكن فهم النماء، الآن، في ضوء "النيكنتروبي"، فضلاً عن أن النماء في كليته يتضمن الأفعال المتآزرة وتبادلها بين الفرد والمحيط. هذا التداخل والتفاعل يقع أو يحدث في مستويات متباينة ومتزايدة من التركيب المنظم. ولكن رغم تحدد فرويد في الزمان والمكان، فإن بعض استنتاجاته واستبصاراته النمائية جدير بالملاحظة في أيامنا هذه. وبتأويلها وفق المصطلحات المعاصرة يمكن استخدامها لأغراض التجسير فيما بين فروع المعرفة. ومن أمثلة ذلك ما يتعلق بالمراحل النمائية الدوافعية - الانفعالية (النماء النفس ـ جنسي) والتي شكلها فرويد في العام ( 1905) ؛ فإذا ما حاولنا فهمها بلغة الأنساق النمائية، يمكننا اعتبار المراحل الطفلية المبكرة مستويات أولية متعاقبة من التركيب المتلاحق المنظم يقوم تحت تأثير تحولات المراهقة، بإعادة تنظيم تراتبي مركب للمستويات الأولية المبكرة، الفموية والشرجية والقضيبية(3). وهذا التأويل يمكن أن يملأ جزءاً من الفجوة بين البعد الإحيائي ممثلاً في الفسلجة العصبية والإيثولوجيا من جهة والبعد النفسي ولاحقاً الاجتماعي الحضاري من الجهة الأخرى، الأمر الذي يؤدي إلى مستويات أكثر تركيباً عن طريق الأفعال المتآزرة كما هو حال مراحل النماء النفسي الاجتماعي لأريكسون. لذا يمكن القول إنه بمقدور التفسيرات القادمة من التحليل النفسي والظاهراتية الوجودية والاتجاهات المعرفية أن تقدم مساهمات حيوية في فهم أفضل لتأثيرات النماء والخبرات الفردية والبيئية. وهو أمر من المرجح أن يؤدي إلى تقارب هذه المنظومات الفكرية من بعضها بعضاً، فضلاً على اقترابها مجتمعة من العلوم الإحيائية.

ومن الأمثلة البارزة على ذلك التقارب ما يحصل الآن في مجال دراسة الانفعالات، إذ يشير الكثير من الباحثين إلى أن الانفعالات عابرة للتفرعات الفكرية والتخصصات العلمية لأنها تنبع من وتعبر عن نفسها على صعيدين: نفسي (السلوك) وإحيائي (الفسلجة). ولا بد إذا ما أريد فهمها بصورة مناسبة من التحري عنها في الجانبين السلوكي وفسلجة الدماغ.

والنظرة السائدة الآن هي أن الدراسات ذات النوعية العالية التي يجب إجراؤها في مجال الانفعالات تتطلب أن يكون الأشخاص الذين يدرسونها من منظور العلوم العصبية ملمين بأسس العلوم النفسية والاجتماعية ومقارباتها. لذا فهم بحاجة إلى جهد من طراز متقدم في مجال السلوك لتعزيز إنجازاتهم البحثية في مجال العلوم العصبية. في المقابل فإن على دارسي السلوك تنمية معلوماتهم وخبراتهم العملية في مجال العلوم العصبية. ويشعر الجميع الآن بأن الحدود والمحظورات بين المنظومتين العلميتين والتي بقيت سائدة حتى وقت قريب يتعين أن تزال، لأن ذلك أمر لا غنى عنه في ترقي المعايير العلمية للمنظومتين.

ولم يعد الكثير من علماء الأعصاب يترددون في الإشارة إلى تأثرهم الشديد بأسس المقاربات النفسية والإيثولوجية والنشوئية للانفعالات، بعد أن احتكوا بها خلال الأعمال المشتركة مع ممثلي تلك المقاربات. فقد أخذوا يعترفون على نحو متزايد بأنها علمتهم البحث عن وظيفة السلوك ودراسته من خلال سياقات ذات معنى، مثل السياقات العلائقية والدينامية الاعتمالية؛ بتعبير آخر الدراسة المعمقة للسلوك بدلاً من الاعتماد أحادي التوجه على ما يقرره الشخص موضوع البحث.

وعلى خلاف ما كان دارجاً فإن العاملين في مجال العلوم العصبية لم يعودوا يعدون العلوم النفسية والاجتماعية أرضاً رخوة لا تقدر على إسناد البحوث الجادة وصاروا أكثر تقديراً للدقة والمتانة التي تؤدي إليها المقاربات المشتركة.

ويعلق بول إكمان في هذا المجال بالقول ؛ إن المعرفة لا تدين لمنظومة علمية واحدة. فالانفعالات، على سبيل المثال، موضوع يتعدى ويتحدى العديد من منظومات العلوم- علم الاجتماع، علم النفس، علم الإنسان، وعلوم الأعصاب ـ، لذا فهي لا تنتمي إلى منظومة علمية واحدة، ناهيك عن فرع من فروع علم النفس. والسلوك ـ بالمعنى الواسع لمفهوم السلوك ـ هو نتاج للدماغ، وأثناء المضي في استكشاف الدماغ فإن أموراً غاية في الأهمية والإثارة من المرجح أن تتكشف. لذا فالاضطرابات النفسية والانفعالات والشخصية والإدراك والتعلم جميعها عناوين كبيرة في علم النفس يتعين على الباحثين فيها أن يكونوا على صلة وثيقة بما يمكنهم تعلمه عن الدماغ.

في المقابل جعلت هذه التطورات البعض يتوقع أن يفقد علم النفس مكانته لصالح العلوم الإحيائية والعصبية. ولكن، حسب اعتقادنا، قد يكون بمقدور "البيولوجيا" الجزيئية والعلوم العصبية إيضاح كيف يحدث هذا السلوك أو ذلك الانفعال أو تلك الفكرة، ولكن علم النفس سيبقى الوحيد القادر على إخبارنا لماذا يحدث كل ذلك.

هوامش

1- يرى بعض الباحثين أن عمل الدماغ البشري، نظراً لعدد العصبونات وتوصيلاتها الهائل، لا يمكن التحاسب معه إلا في ضوء ميكانيكا الكم، ولا يجوز النظر إليه وفق متصل النسبية الزمان ـ مكاني، الذي يبدو فيه عمل الدماغ وكأنه إطارات شريط سيمي تمضي أحداثه من الماضي إلى المستقبل مروراً بالحاضر بتتابع منطقي مقرر سلفاً. ولكن وجهة النظر هذه من شأنها، بحسب باحثين آخرين، أن تلقي عمل الدماغ البشري في دوامة اللايقين.

2- يمكن إيضاح الإنتروبي entropy كما يلي: يفيد القانون الثاني للديناميكا الحرارية بأن الطاقة تنحط من أشكالها العليا القابلة للاستثمار في شغل إلى أشكال أدنى تكون فيه مقيدة وغير قابلة لمثل ذلك الاستثمار. وقد سمي هذا الانحطاط في الطاقة إنتروبي، وعكسه نيكينتروبي أو الإنتوبي السالب، ومن أمثلته قيام النبات باستخدام ضوء الشمس في بناء أشكال أعلى من الطاقة. وكان عالم الفيزياء إروين شرودنكر قد أوضح أن واحدة من الصفات التي تميز الأنساق الحية عن سواها في العالم المادي هي قدرة "التغذي على الإنتروبي السالب.

3- إذا سلمنا بأن بنى الدماغ وعملياته تتصاعد، خلال مسيرة حياة الفرد، من الأولي المبسط إلى الثانوي المركب ومن اللانوعي إلى النوعي ومن اللاتخصص إلى أعلى مراتب التخصص، يمكننا القول إن العمليات الدوافعية (الغريزية) والانفعالية على مستوى نوى اللوزة والتكوينات ذات الصلة تكون ابتداءً بسيطة لانوعية وليست متخصصة تماماً، أي أن وظائفها مختلطة متداخلة وغير متميزة. لذا يمكن للدوافع الفموية والجنسية والعدوانية البدائية والفجة أن تتبادل التعبير عن نفسها بصورة مختلطة ومتداخلة مع بعضها بعضاً. ولا يتحقق التمايز والتخصص إلا عبر المرور في كافة المراحل النمائية وبالتفاعل مع البيئة. من هنا يمكن القول إن المراحل النمائية الفرويدية هي أفعال متآزرة على المستوى العصبوني البنيوي والأسري، بينما مراحل أريكسون النمائية هي أفعال متآزرة على المستوى الاجتماعي الحضاري. والاثنان يمثلان متصلاً مستمراً من التخصص والتركيب والنماء التراكمي.


المصدر : الباحثون -العدد 26 --آب 2009

العولمـة والعرب ورهانـات المسـتقبل

العولمـة والعرب ورهانـات المسـتقبل


دراسات ومؤلفات لا تعد ولا تحصى، كتبت عن العولمة وآثارها وتأثيراتها وأهدافها وغاياتها، وما زالت هذه الكتابات والأبحاث تتواصل، وأعتقد أنها سوف تتواصل وتستمر ما دامت الهيمنة الأميركية مستمرة، والعولمة ليست جديدة، فهي ظاهرة قديمة ومستمرة، ارتبطت بشكل أو بآخر بتطلعات الإنسان خارج حدوده، كما أنها ترافقت مع ظاهرة التقدم التكنولوجي ومنذ اكتشاف البوصلة، فإن الجانب الاقتصادي هو الذي طغى على غيره من مظاهر العولمة، أما التغيرات الاجتماعية والثقافية الأخرى، فإنها تشكل مظاهر وإفرازات للجوانب الاقتصادية.

التطلع نحو العالم والوصول إليه وبسط النفوذ عليه، بدأ مع الحضارات القديمة، حيث كانت الفتوحات والتوسعات المختلفة، والأقوى هو الذي يبسط نفوذه على الرقعة الأوسع، وما الديانات السماوية في هذا المجال إلا تعبيرات فكرية وثقافية وسياسية للتطلع نحو العالم، فالمسيحيّة التي انطلقت من فلسطين كانت رسالتها عالمية، وإن بدأت بالفكر والدعوة للديانة المسيحية إلا أن الاقتصاد والسياسة شكلا أداتين هامتين في قفزة الدولة المسيحية التي وصلت في أوجها في عصر الدولة المسيحية، والتي كانت تطلعاتها العالمية ليس لها حدود.

والشيء نفسه يمكن أن يشار إلى الإسلام، باعتباره رسالة سماوية أتت للبشرية جمعاء، وإن كانت الجزيرة العربية مهدها، والعرب أهلها الأوائل، لكنها رسالة بأفكارها ومعتقداتها ونظمها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، طرحت نفسها باعتبارها دين ونهج كل البشرية دون استثناء، أي أنها كانت ترى العالم كله ميدانها، وفي الإنسانية روحها ورسالتها وبالتالي فقد «عولمت» الفكر الديني، الذي بدوره عولم الاقتصاد والسياسة.. ولم تقتصر عولمة الفكر والسياسة على الأديان فحسب، بل إن العديد من الأفكار والسياسات الوضعية كانت هي الأخرى لها تطلعات عالمية ومنذ القدم، فالإسكندر المقدوني كان يرى بأنه ملك الكون، وعلى الكون الخضوع لإرادته، والإيديولوجية الماركسية – اللينينية، وهي رسالة إنسانية أتى بها المفكرون الاشتراكيون (ماركس - إنجلز - لينين) من أجل أن تكون أيديولوجية الكون، ونظامه السياسي والاقتصادي والاجتماعي، فهي لم تعترف بالقوميات، ولم تقر بالدولة ولا بالحدود، بل نظرت إلى العالم باعتباره وحدة واحدة يجب أن تسوده يوماً ما الشيوعية، لأنها النظام الإنساني القادر على إقامة العدالة، ووضع حد لاستغلال الإنسان لأخيه الإنسان.. وفي التاريخ العديد من المحاولات لعولمة الكون، ولكل محاولة غايتها وطريقها ورسالتها.

لقد تعددت مفاهيم وتعريفات العولمة، منها ما عرف بالكونية، ومنها ما عرف بـ «ما بعد الإمبريالية» أو ما بعد الاستعمار، ومنها ما ربطها بالولايات المتحدة الأميركية وبالهيمنة والسيطرة، وتوحيد العالم من خلال رأسمالية السوق، وتوحيد الاستهلاك، وسيادة نمط إنتاج عالمي واحد، له قواه المنتجة، وله علاقاته الإنتاجية الملائمة والمميزة، وله بنيته الفوقية العولمية المناسبة، وله فكر وثقافة وأدب معبر عنه وعن طبيعته.

لقد فتحت العولمة المجالات واسعة لتواصل الثقافات، وقامت ثورة الاتصالات بدورها عصراً جديداً عن التطور الثقافي للبشرية، جعلت من الممكن لكل الشعوب، مهما كانت درجة نموها الاقتصادي والاجتماعي أن تتعرف على بعضها، وبشكل خاص على نمط الحضارة الراهن، كما تعيشه المجتمعات الصناعية، وأصبحت قيم ما يطلق عليه اسم الحضارة المادية قيماً مشتركة في كل أنحاء المعمورة، مما ساعد على ولادة مجال «جيو ثقافي» جديد، ومن ورائه نظام عالمي للثقافة والتبادل الثقافي، مما ساعد على إخضاع الثقافة لمنطق التجارة، وتعميق «دينامية» السيطرة الثقافية، وتأكيد سيطرة وقيم الثقافات الكبرى، التي احتلت الفضاء العالمي الجديد... وأدت إلى تضاؤل وزن الثقافات الوطنية ونفوذها، وسيطرة الشركات الصناعية والتجارية الكبرى كصانعة للأحداث على حساب الذوات الاجتماعية الوطنية أو السياسية أو الثقافية.

من خلال هذا نرى أن العولمة ليست هدية سعيدة للشعوب الضعيفة، والشكوى والأنين والحنين إلى الماضي، ولوم النفس على الفرص الضائعة، وندب الخط على ما نعيشه من تراجع وانحطاط وتخلف، لن يساهم مطلقاً في حل أمورنا ومشاكلنا التي تزداد يوماً وراء يوم.. المطلوب منا في وقتنا الراهن إعادة اكتشاف الذات، والعمل على إنتاج ثقافة وطنية قومية فاعلة تعرف معنى الأنا والآخر، وتحديد أولويات القرار، والعمل دون التفكر للتصورات أو المسارات الموروثة من الماضي، والعمل على إنجاز الرؤى المستقبلية التي لن تحسم إلا في إطار العمل القومي، الأمة العربية كانت عبر تاريخها الطويل تشتمل على البذور والغراس الصالحة للاستنبات والاستثمار ومواجهة التقلبات والظروف التي واجهتها.

إن الواقع العربي بشكله الذي هو عليه، مضطرب ومتصادم ومتخلف، مما يدعو الحاجة إلى وصف وتشخيص وتحليل الواقع والعمل على مواجهة اختلالاته، والخروج منه، والعمل على تحقيق النموذج المنشود، بما يتفق وقدراتنا الاقتصادية والاجتماعية والنفسية..

إن الحضارة في جوهرها مشروع للنهوض، وعلى الإسهامات الفكرية أن تدرك هذا الأمر، وتدرك أين موقعها فيه أو محلها منه، لتصب في السياق الصحيح، ففي وضعنا الراهن ليس بوسعنا أن نجعل مكاننا وزماننا أفضل من السابق، ولو بدرجات.. ومع أن تحقيق ذلك يبقى أمراً صعباً في ظل عالم متغير، إلا أنه يبقى أكثر جدوى من العيش في عالم الآمال والأحلام والشلل التام، وفي ظل ما قدمه تاريخنا، يمكن أن نستفيد من دروسه، واستثماره في ابتكار منظومة إسناد جديدة، تحكم الوصل بين الحاضر والمستقبل، وتلعب دورها في إعادة تكييف الثوابت من جديد لتتلاءم مع المتغيرات، ضمن منهجية نقدية تهدف إلى تحديث الثقافة العربية، القادرة على استيعاب حقائق الواقع، ومنه الماضي، وتطلعات المستقبل، الذي يمكن من خلاله إنتاج حضارة خاصة بنا.

إننا مطالبون اليوم بأن نواجه بشجاعة وفكر واضح لا لبس فيه ولا غموض مسألة العلاقة بين التفكير العلمي، الذي أجمعت الآراء ضرورة الربط بينه وبين الثقافة العالمية، وبين الاستنارة الدينية، التي تعني الانفتاح على الواقع، والقدرة على الاستماع للرأي الآخر، لا التزام رأي واحد وإنكار كل ما عداه.. والعمل على إقامة مشروع عربي ثقافي حضاري يؤهلنا لمواجهة تحديات عالم العولمة، وحرية التجارة في الأفكار والخبرات، لا المواد والمنتجات والأموال وسيطرة وسائل الإعلام وطوفان المعلومات من كل حدب وصوب.

لقد دخل العالم عصراً أصبحت الثقافة هي مديرة شؤونه، وقد وجدت شعوب العالم التقليدية نفسها مشلولة إذا لم تحدّث تربيتها وإداراتها وأجهزتها وأساليب عملها، ومحيطنا يفرض علينا هذا الواقع بقوة، فقد أصبحت التكنولوجيا في عالم اليوم أداة حياة بالدرجة الأولى، وقد استطاعت أن ترتقي بحياة مئات الملايين من البشر، وطبعاً الحديث عن التقانة بمعزل عن أسلوب التفكير وأسلوب العمل، فالتقانة ليست مكسباً خارجياً تستورده الشعوب لتأسيس حياتها، وإنما هي عمل دؤوب في الفكر، وفي أساليب تسيير الإدارة وأساليب التفكير ورد الفعل إزاء ما يحدث، فالتطور الحقيقي يحدث في التقانة حينما تصبح برنامج عمل، وبرنامج حياة وهي في كل ذلك ترتبط بمجموع العناصر التي يقوم عليها المجتمع ( سياسة - اقتصاد - تربية - إعلام - إدارة.. ) وتفرض عليها نموذج تفكير وتفعيل يتناسب مع الإمكانات التي توفرها لمستخدمها.

والتقانة تفرض ثقافتها على مستخدمها سواء على المستوى الاجتماعي والسياسي أو على مستوى اللغة والمصطلحات والبرامج، أو على المستوى العلمي، ومن الطبيعي أن يجد الإنسان نفسه في حاجة إلى تغيير نظرته ومفاهيمه، وبشكل جذري حياته.

لقد دخلت التقانة في مجمل حياتنا اليومية، وقد استوردنا التجهيزات ولم نستورد طرق العمل والإنتاج، وفي كثير من الأحيان تعاملنا مع هذه التقانة المتطورة بمنطق الترفيه، ولم توضع عملياً ومعرفياً في مكانها الوظيفي، رغم جرأة الشباب العربي على اقتحام مجال التقانة، وظلت أجهزتها مجرد آلات في الإدارة، ربما للعمل المحاسبي وتصنيف الأوراق والبريد، ولكنها لم تؤثر بشكل فعال ومؤثر على السير التقليدي للإدارة العربية، وما زالت البيروقراطية تأخذ يوماً أو أكثر لاستخراج شهادة ميلاد أو حسن سلوك أو لا حكم عليه، وما زالت تعيش ثقافة الخوف من كل ما هو جديد، ولا يخفى على أحد أن عصر التقانة الذي نعيشه اليوم، لا يكتفي بالسعي إلى عولمة ثقافة واحدة، ولا إلى السيطرة على موارد الشعوب الاقتصادية والمعلوماتية، وإنما يسعى إلى السيطرة على البنى الفوقية للمجتمعات وبخاصة على منظوماتها الذهنية، الإبداعية والفكرية باعتبارها السبيل الأفضل والمختصر للتحكم في ثرواتها، وبحكم التغيير الكيفي - العلمي الذي تفرضه هذه التقانة، فإن فعلها يتم داخل الثقافة بالدرجة الأولى، وفي منظوماتها وقوانينها وظواهرها ومعلوماتها.

نحتاج في وقتنا الراهن وفي مستقبلنا إلى عمل متواصل على جبهتين:

جبهة المعرفة: حيث يجب العمل على المستقبل بدل العمل على الماضي الذي نعيش تحت سطوته منذ قرون عديدة، وهذا يتم من خلال التشجيع على التفكير في وعي وأهداف جديدة لحياتنا كمشاركين وفاعلين وليس كضحايا لثقافة العولمة.جبهة المجتمع: بتوفير إرادة سياسية في التغيير، وتكثيف الزمن الاجتماعي والإداري، وفتح مجالات إنتاج واستثمار المعلومات وتبادلها بين الأفراد والمجتمع، وهو ما يتيح فرصة إعادة بناء مجتمع عضوي قابل لتمثّل التقانة وإنتاجها.

وحتى نس نحتاج في وقتنا الراهن وفي مستقبلنا إلى عمل متواصل على جبهتين:

تطيع تحقيق ذلك نحتاج إلى عمل مكثف وعميق داخل الذاكرة العربية، بثقافتها وتقاليدها، لتعويدها على لغة الثقافة، (لغة الاستعمال والتعامل معها دون عقدة ولا خوف) وهذا لن يتم بعزلة عن فلسفة ثقافية مستقبلية واضحة المعالم، فالثقافة التقانية تتراكم وتتفاعل من خلال فهمنا لفاعليتها وضرورتها، وعلى الأخص من خلال الحاجة إليها، وهي حاجة تنبع أساساً من وعي المستقبل، الذي يجب أن يتأسس في مناخ سياسي قابل لحرية تداول المعلومات، وفرص أكبر للارتقاء بالمستوى المعيشي، وتوزيع الخدمات الثقافية بين أفراد المجتمع، ورغبة أكبر لدى الإنسان في المشاركة في بناء مستقبله ضمن بيئته وعالمه.

إن عمل العلماء والمفكرين والمبرمجين سيكون في هذه المرحلة أساسياً في وضع قواعد تفكير وعمل تتماشى والمستجدات التقانية، والحياة الاجتماعية والثقافة اليومية، كما أن دور المبدعين في المجال الأدبي والسينما والتلفزيون والتشكيل والصحافة سيكون أولياً بالنظر لتعامل المواطن اليومي مع إنتاجهم، ولكن العمل الأكثر جدوى من الناحية العلمية، سيكون العمل الأكاديمي، الذي يمكنه أن يقدم المساعدة الكثيرة في تكثيف الخطوات للحاق بما أنجز في مجالاته، وفي تسهيل تعامل المواطن مع التقانة، وتبني ذاكرة ثقافية قادرة على التفكير الرقمي بما يفرضه من مناهج وقواعد ونظريات ونقد.. وهذا العمل الدائم سيمكن العلماء والمخترعين العرب من المشاركة في صناعة التقانة، وتآلف المجتمع معها.

في وقتنا الراهن أصبحت قوة الأمم تقاس بدرجة تحكمها في مسالك ووفق المعلومات، وأجيالنا أصبحت أجيال مجتمع المعلومات، الذي يجب أن نرغب بالعيش فيه بشدة حتى نستطيع التواصل مع المستقبل.. لقد تغيّر سلم أولويات الثقافة والمعلومات، وتغيّرت الأذواق والاهتمامات والمقاييس والمعايير.. السؤال الذي يطرح نفسه أمام كل ما يحدث ما هي الثقافة مستقبلاً؟ ومن هم مثقفو المستقبل؟ وكيف سيكونون؟ وهل سيتحول الناس جميعاً إلى مثقفين إذا هم تحولوا إلى متعلمين ومتخصصين؟

إن عملية التعدد والتوسع والتداخل والتضارب، جعلت الحديث عن الثقافة مرادفاً للحديث عن التعليم والسباحة والتربية والمعارض والمهرجانات والأدب والعلوم والرياضة.. لقد كانت الثقافة في الماضي القريب ظاهرة تميّز أو على الأصح طموحاً نحو التميّز، لأن التميّز بحد ذاته جزء من عملية الاستقطاب التي تؤدي إلى التغيّر والتطور، وبفقدان هذه الخصائص فإن الثقافة فقدت حدودها بسبب التداخل الحاصل في مواضيعها، وفقدان حدودها الجغرافية والزمنية والوطنية، وهذا ما أدى إلى نشوء إطارين متمايزين للثقافة، أحدهما: الإطار العام للثقافة العامة، وهو ما نسميه «الثقافة العامة» والإطار الآخر للثقافة الخاصة المتميزة، وهو ما نسميه «الثقافة الخاصة».

المستقبل سوف يشهد تضاؤل الأهمية التاريخية الريادية أو الطليعية لكل من الثقافة العامة والثقافة العامية على أهميتها، أي أن دورهما في تحقق قفزات وإبداعات وطنية وقومية وإنسانية متجددة، ستكون أقل أهمية، في حين سوف تلعب الثقافة الخاصة دوراً أكبر لتحقيق طموحات التغيير والتطوير.

وحتى تستطيع الثقافة العربية تحقيق نموها المستقبلي المنشود وتحقيق الغايات المرجوة من تنميتها المستقبلية، لابد من ربطها بعملية التربية والتعليم، وجعل الإعداد التربوي والروحي أحد جوانب وأنواع الإعداد الرئيسة لها، لجعلها على مستوى تحديات المستقبل ومتطلباته، وترفع شأن العلم النافع باعتباره أساس التقدم الحقيقي للأمة العربية.

•د. عـلي القـيّم

المصدر : الباحثون 28 - تشرين الأول 2009

مقالات

أخبار