عقوبة الرشوة


عقــــــــــــــــــــــــوبة الرشــــــــــــــــــوة

ففي الحديث الشريف، إن اللعنة تشمل الراشي والمرتشي والرائش، وهو الذي يقوم بدور الوسيط، بين طرفي العملية المشبوهة (الراشي والمرتشي)، ويمكن للرشوة أيضا، أن تكون معنوية، بالعودة إلى لفظ المراشاة، الذي يعني المحاباة، وراشاه بمعنى حاباه، وغالبا ما تكون الرشوة وسيلة لبسط الباطل، وإلحاق الضرر والظلم بطرف ثان، وهي تتم في ظل وضعيات غير متكافئة، بين الأطراف المعنية، ولذلك أصبحنا لا نستغرب حينما نرى أن أصحاب الحقوق، بدورهم يلجأون، للرشوة، كي لا تضيع حقوق مشروعة يقول تعالى في كتابه العزيز : "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون" سورة البقرة .

وفي مجال القانون المغربي، فإن جرائم الرشوة واستغلال النفوذ، تدخل في باب القوانين الجنائية، خصوصا الفصول التالية : 248، 249، 250، 252، 253، 255 .

ودرجة العقوبة تتضاعف حسب موقع الجاني، أي بالصفة العمومية التي يحملها والتي تمكنه من تقديم خدمات مدفوعة »الأجر«، والانحياز لصالح أحد الأطراف، أو تقديم شهادات أو بيانات كاذبة، كما أنه لا تُردُّ الأشياء أو الهبات أو العمولات أو قيمتها إلى الراشي، وإنما يتم مصادرتها وتمليكها لخزينة الدولة، يقول الفصل 253 : "إذا كانت رشوة أحد رجال القضاء أو الأعضاء المحلفين أو قضاة المحكمة قد أدت إلى صدور حكم بعقوبة جنائية ضد متهم، فإن هذه العقوبة تطبق على مرتكب جريمة الرشوة«، وفي الفصل 250 يعتبر "...مرتكبًا لجريمة استغلال النفوذ، ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين وخمسين إلى خمسة آلاف درهم، من طلب أو قَبِل عرضا أو وعدا، أو طلب أو تسلم هبة أو هدية أو أية فائدة أخرى من أجل تمكين شخص أو محاولة تمكينه، من الحصول على وسام أو نيشان أو رتبة شرفية أو مكافأة أو مركز أو وظيفة أو خدمة أو أية مزيَّة أخرى تمنحها السلطة العمومية أو مع إدارة موضوعة تحت إشرافها، وبصفة عامة الحصول على قرار لصالحه من تلك السلطة أو الإدارة، مستغلا بذلك نفوذه الحقيقي أو المفترض .

وإذا كان الجاني قاضيا أو موظفا عاما أو متولِّيا مركزا نيابيا، فإن العقوبة ترفع إلى الضعف« ص 69-70 : القوانين الجنائية العامة والخاصة وقوانين الصحافة، (مع آخر التعديلات( 1985 ) مطبعة الساحل ) الرباط، وهناك بعض قرارات المجلس الأعلى في المادة الجنائية، التي ترى، أنه لوجود الرشوة كجريمة، لابد من ضرورة وجود الفائدة قبل القيام بالعمل أو الامتناع عنه، ولابد من أن يكون الطلب أو قبول العرض أو الوعد أو أخذ الهبة أو الهدية وغيرها من العمولات، من الفوائد سلفا.

وخارج هذا، فإن الرشوة في العمق، ليست أخطاء أو حالات معزولة، أو ممارسات وسلوكات شخصية فقط، إنها معطى اجتماعي وسياسي تفرزه خصيصات البنيات القائمة، المبنية أساسا على طغيان الحيف الاجتماعي وشرعنة أعراف التجاوزات، والاعتداء واغتصاب حقوق الناس المادية والمعنوية والوجودية، مما يهدد أمنهم واستقرارهم، وهي في هذا، مثل كل المعطيات الأخرى المرفوضة، ومع ذلك تمتلك صفة »التسييد«، لكنها ليست قدرا منزلا تتحكم في المجتمع وعلاقاته وبنيانه العام.


الإبتساماتإخفاء