الموريسكولوجيا..والامتحان الصعب!

الموريسكولوجيا..والامتحان الصعب!


الموريسكولوجيا..والامتحان الصعب!

الحديث هنا يحاول أن يلقي ضوءًا خافتًا على مجموعة غير يسيرة من المسلمين في الأندلس تعرضوا لصنوف من الامتحان؛ لأنهم مسلمون، ولم يذكر لنا التاريخ أنهم كانوا سببًا مباشرًا أو غير مباشر لما تعرضوا له من الإهانة التي يخجل الإسبانيون اليوم من ذكرها أو التعرض لها، ويطلب العلماء منهم عدم التوسع فيها، من حيث الدراسة والبحث، ففي القرن العاشر الهجري تعرضت طائفة من المسلمين إلى التنصير القسري كحل من حلين وضعا أمام مسلمي الأندلس، وكان الحل الآخر مغادرة البلاد.. أي النفي والطرد والإبعاد من الأندلس ومراكزها العلمية ومكتباتها ومخطوطاتها وآثارها، أو آثار المسلمين فيها، وليت الخيار الثاني (الطرد) قد سمح معه بأخذ هذه الآثار العلمية، ولكن المسلمين كانوا يخرجون مجردين من كل شيء نافع، حتى ليذكر الدكتور عبدالجليل التميمي في محاضرة له ألقاها في مكتبة الملك عبدالعزيز بالرياض الأسبوع الماضي أن مليون مخطوط عربي قد أحرقت في ساحة واحدة في وقت واحد، وأمر بحرقها القسس والرهبان، أما الذين رفضوا الرحيل فلم يكن أمامهم - ظاهرًا - إلا التنصر، وكانت هناك متابعة ومراقبة عجيبة لهؤلاء الموريسكيين، بحيث يحرق حرقًا من يعلم أولاده القرآن الكريم أو اللغة العربية، ويحرق من يؤوي مسلمًا لم يتنصر ظاهرًا على الأقل، ويحرق من يعين على تهريب مسلم خارج البلاد، ويحرق من يصر على الاسم العربي المسلم، وتحرق النساء أكثر من الرجال، سعيًا وراء التقليص من الإنجاب، وسعيًا وراء التقليص من نشاط النساء الموريسكيات في الحفاظ على الخلفية الدينية لهن ولأزواجهن ولأولادهن.

ويسأل البعض عما إذا كان الدافع لهذا كله سياسيًّا أكثر منه دينيًّا في محاولة للتقليل من تعميق هذه المأساة، فيصر الدكتور التميمي على أن الامتحان الصعب هذا كان دينيًّا، وأن الإسبان متعصبون لكاثوليكيتهم، ولأن القسس كانوا يباشرون الإحراق والطرد، ولأن المسألة لم تكن للقضاء على العنصر العربي، وإنما كانت للقضاء على الوجود الإسلامي، بدليل أن الدم العربي لا يزال موجودًا في إسبانيا والبرتغال وأمريكا الوسطى والجنوبية في الوقت الذي تلاشى فيه التأثير الإسلامي على المجتمع الأندلسي، ولم يبق من المسلمين إلا عدد قليل ليس مسجلًّا رسميًّا، وإن كانت هناك محاولات جديدة وجادة لعودة بعض الموريسكيين الأندلسيين إلى دينهم الذي ارتضَوْه، ولكنها محاولات متأخرة.
ومحنة الموريسكيين تحتاج إلى وقفات طويلة وعلمية وموضوعية بعيدًا عن العاطفة التي لم تُجْدِ في حل القضايا المصيرية، وهذه الوقفات العلمية لن تجد من يعترضها، فوثائق ومحاضر محاكم التفتيش موجودة ومهيأة، وتحتاج إلى من يتقن اللغة الإسبانية أولًا، ثم النبش في الكتابات الخميالية المكتوبة بالحروف العربية واللغة القشتالية.

والعرب بخاصة والمسلمون عمومًا متأخرون في دراسة هذه المحنة؛ حيث يثبت العالمون أن خمسًا وتسعين بالمائة من الدراسات عن الموريسكيين (95%) صدرت عن غير المسلمين، حتى ظهر علم جديد سموه الموريسكولوجيا (علم الموريسكيين)، بينما تقف مراكز البحوث وأقسام التاريخ والحضارة في الجامعات العربية قاصة ومقصرة في هذا المجال، وقليلًا ما تجد أستاذًا - واحدًا - أو اثنين متخصصين في تاريخ المسلمين في الأندلس، وإنما هي مجموعة من الخواطر الأدبية العاطفية، كالقصائد والكتابات السطحية السريعة - مثل هذه الحروف - تندب الحظ، وتعَضُّ أصابع الندم، وتُوَلْوِلُ على ما أصاب المسلمين في الأندلس، وما يصيب غيرهم اليوم في بلاد إسلامية أخرى.

بل إن المعرفة باللغة الإسبانية أيضًا محدودة جدًّا في وقت نجد فيه أقسامًا متكاملة التجهيز للغة الإنجليزية وآدابها مثلًا..وذلك على حساب الاهتمام باللغات الأخرى؛ كالإسبانية والتركية والفارسية والأردية وغيرها من اللغات المليئة بالمعلومات العلمية حول الإسلام والمسلمين والعرب والحضارة التي تستحق أن يلتفت إليها.

ولا عذر لنا اليوم في جميع الجامعات العربية والإسلامية ومراكز البحث العلمي، حيث توافرت تقريبًا جميع الوسائل العلمية من المكتبات ومراكز البحوث وتوافر الاطلاع على الوثائق والمحاضر والمخطوطات التي وصلت إلى المكسيك وبيرو من أمريكا الوسطى والجنوبية حتى ليقال: إن محاكم التفتيش قد زاولت أعمالها في هذين البلدين اللذين كانا مستعمرين من قبل إسبانيا..فتتبعت المحاكم الموريسكيين الأندلسيين في أمريكا الجنوبية والوسطى، واستعملت معهم أساليب، منها الحرق ومصادرة الأموال والمقتنيات والطرد، في أن نبحث في جميع جوانب هذا التراث العربي الإسلامي.

وإذا كان العلماء الإسبانيون يتحفظون على هذه الحقبة من تاريخهم، فإنهم يرحبون بالدراسات والبحوث وإلقاء المحاضرات وعقد الندوات وإقامة المؤتمرات حول الوجود الإسلامي في إسبانيا عمومًا بما فيه معالجة هذا الامتحان الصعب الذي تعرض له المسلمون "الموريسكيون الأندلسيون"، خاصة في القرن العاشر الهجري حينما كانوا يساقون إلى الكنيسة ويُعمَّدون قسرًا وتُغَيُّر أسماؤهم إلى الإسبانية، حتى لتجد اسم الشخص "فيليب" واسم أبيه "روبيرتو" واسم جده الأول "ارنستو" واسم جده الثاني "بلاثيوث" واسم جده الثالث عبدالرحمن بن محمد العامري، وتتردد هذه الأسماء لمسلمين، ولا نعرف أنهم مسلمون، وهكذا أريد لهم ألا يعرفوا إلا بأنهم إسبانيون.

نحن بحاجة إلى التركيز على مثل هذه الجوانب من تاريخنا لنوضح عمليًّا للآخرين ما قوبل به المسلمون من قِبَل النِّحَل والمِلَل الأخرى في الوقت نفسه الذي قابل به المسلمون أصحاب هذه الملل والنحل من منطلق ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ﴾ [البقرة: 256]، والله المستعان.


من حياة ابن مالك (رحمه الله تعالى)

من حياة ابن مالك (رحمه الله تعالى)

من حياة ابن مالك (رحمه الله تعالى)



لقد أدارت الدُّنيا ظهرَها للعلماء العاملينَ قديمًا؛ لإعراضهم عنها، واحتقارِهم لشأنها، وانشغالهم بأمور الآخرة، والآخرةُ خير وأبقى، فعاشوا فقراءَ، وهم بما قدَّموا لأنفسهم من خيرٍ سعداءُ.

ومن هؤلاء الذين عاشوا فقراء في دنياهم، وعُدُّوا من المفلوكين: العلَمُ النحْويُّ الشهير، والفقيه اللغويُّ الكبير، الذي سَلَّمَته العربيةُ مقاليد خزائنها النحوية والصرفية واللغوية في القرن السابع الهجري في حين ضَنَّتْ بها على آخرين: أبو عبدالله محمدُ بن عبدالله بن مالك الطائي الأندلسي الجَيَّانيُّ، صاحب التصانيف المبسوطة والمختصرة، شيخُ النحاة في عصره، قيل عنه: "خرَج من الدنيا ولم يتعلَّق بأعراضها، ولا قَرْطَسَ سهْمَهُ في أغراضها "، وقرَّر صاحب (الفلاكة والمفلوكون) أنَّ هذه المقولة والفلاكة عبارتان عن معنى واحد.
ولم أرَ فيما كُتِبَ عن ابن مالك من دراساتٍ وقفتُ عليها، أو أبحاثٍ دارت حول آرائه ومواقفه من العلماء، أو تُراثٍ له تَمَّ تحقيقُه ونشره، لم أَرَ الصفحةَ الأخيرةَ من حياته، التي تُشبه الصفحةَ الأخيرة من حياة إمام النحويينَ الأول سيبويهِ رحمه الله تعالى.
فكلاهما مات غبنًا وقهرًا، وهما بالعِلم حيَّانِ؛ فسيبويه إثر (المسألة الزُّنبوريَّة) المشهورة، وما دار حولها من نقاش وحوار، لم يَسَعْه إلا أن خرج إلى بلاد فارس، وأقام بها حتى مات، سنة 180هـ، وابنُ مالك بعد أن نُزعت منه خطبة الجمعة ببعض قرى دمشق كاد أن يموت، وكانت عونًا له على حياته مع شدة الاحتياج وضيق الوقت، وأُسندت الخطبةُ إلى جاهل من جهلة دمشق، ومع جهله الظاهر على يد ابن مالك التفت حوله العامَّةُ، وجعلت منه شيئًا ذا بالٍ؛ فحزن ابنُ مالك لذلك، ومات بعد أيام قليلة، سنة 672هـ.
جاء في (الإعلان بالتوبيخ لمن ذم أهل التاريخ): وممن مات بآخرةٍ غبنًا الجمالُ بن مالك، راويةُ جزيرة العرب نحوًا ولغةً، فإنَّهُ مع أوصافه الجليلة، وكونه كان على جانب عظيم من الاحتياج وضيق الوقت، عورض فيما استقر فيه من خطابةٍ ببعض قرى دمشق من بعض جهلتها، وانتُزعت منه له، فكاد أن يموت، سيما وقد حضر الجمعة، وسأل الجاهلَ المشار إليه بعد فراغه من الخطبة والصلاة عن مَخرَج الألف، فتحيَّر، وظنَّ أنَّهُ كلَّمَهُ بالعجمية، ثم عدَّد له حروف الهجاء مبتدئًا بالألف، وسردها، فصاح العامَّةُ الذين تعصبوا لهذا الجاهلِ سرورًا؛ لكونه سُئِلَ عن مسألةٍ فأجاب بتسع وعشرين إجابة، وما وجد الجمالُ ناصرًا، بل استكان، ومات بعد أيام يسيرة.

رحم الله تعالى سيبويهِ وابنَ مالك ذَوَيِ النهاية المتشابهة، وجزاهما عن العربية وأهلِها خيرَ الجزاء، وصلى الله تعالى على سيدنا محمد النبيِّ العربي وعلى آله وصحبه وسلَّم.

ترجمة ابن مالك ناظم الألفية

ترجمة ابن مالك ناظم الألفية


ترجمة ابن مالك ناظم الألفية 
هو الإمام أبو عبد الله محمد جمال الدين بن عبد الله بن مالك الطائي نسبًا الجياني منشأً الدمشقي إقامة ووفاة الشافعي النحوي. ولد رحمه الله سنة (600هـ) بجيان إحدى مدن الأندلس، ثم رحل إلى دمشق واستزاد فيها من العلم، وأقام بها مدة يصنف ويشتغل بالتعليم حتى أدركته منيته لاثنتي عشرة خلت من شعبان سنة 672هـ. 
مشايخ ابن مالك 
مشايخه: ابتدأ ابن مالك حياته بالأندلس، فأخذ عن شيوخه ما أخذ، وكانت دمشق مركزًا علميًّا تُضرب إليه آباط الإبل. [فسمت بـابن مالك همته إلى ورود منابعها الصافية، فرحل إليها وأخذ عن أئمتها، وكان من مشايخه فيها وفي الأندلس مكرم و أبو صادق الحسن بن صباح ، و أبو الحسن السخاوي . وممن أخذ عنهم العربية بجيان: أبو المظفر ثابت بن محمد بن يوسف بن خياط الكلاعي من أهل لبلبة، وقرأ كتاب سيبويه على أبي عبد الله بن مالك المرشاني . ومن مشايخه أيضاً: ابن يعيش شارح المفصل، وتلميذه ابن عمران ، وتلميذه ابن عمرون ، ويقال إنه جلس عند أبي علي الشلوبين بضعة عشر يومًا، ونقل التبريزي في أواخر شرح الحاجبية أنه جلس في حلقة ابن الحاجب واستفاد منه ، وأخذ القراءة عن أبي العداس أحمد بن نوار وأتقنها حتى صار إمامًا فيها، وصنف فيها قصيدة دالية مرموزة في قدر الشاطبية. 
تلاميذ ابن مالك 
[تلاميذه: وتخرج به جماعة منهم الإمام النووي ، وروى عنه ولده بدر الدين محمد و شمس الدين بن جعوان ، و شمس الدين بن أبي الفتاح ، و ابن العطار ، و زين الدين أبو بكر المزي ، والشيخ أبو الحسين اليويني شيخ المؤرخ الذهبي ، و أبو عبد الله الصيرفي ، وقاضي القضاة بدر الدين بن جماعة ، و شهاب الدين بن غانم و ناصر الدين بن شافع ، وخلق سواهم. وروى عنه الألفية شهاب الدين محمود ، ورواها الصفدي خليل عن شهاب الدين محمود قراءة ، ورواها إجازة عن ناصر الدين شافع بن عبد الظاهر ، وعن شهاب الدين بن غانم بالإجازة عنهما عنه]. 
أخلاق ابن مالك 
[أخلاقه: كان على جانب عظيم من الدين والعبادة وكثرة النوافل وحسن السمت، وكمال العقل والعفة. ومن مظاهر إخلاصه لله في عمله ما قيل من أنه كان يخرج على باب مدرسته ويقول: هل من راغب في علم الحديث أو التفسير أو كذا أو كذا، قد أخلصتها من ذمتي، فإذ لم يجد قال: خرجت من آفة الكتمان. وكان سليم الخلال رزينًا حييًّا وقورًا، جم التواضع على كثرة علمه، شغوفًا بالإفادة شديد الحرص على العلم والتعليم. كان إمامًا فذًّا في علوم العربية، فقد صرف همته إلى إتقان لسان العرب حتى بلغ فيه الغاية وأربى على المتقدمين، وكان إليه المنتهى في اللغة، وكان في النحو والتصريف البحر الزاخر والطود الشامخ حتى كانت شهرته على الخصوص بهما، وجل تأليفه فيهما. ومن رسوخ قدمه في النحو أنه كان يقول عن ابن الحاجب وهو أحد أئمة العربية: إنه أخذ نحوه عن صاحب المفصل وصاحب المفصل نحوي صغير. وإذا علمت أنه يقول هذا في حق الزمخشري وهو إمام عصره في اللغة والنحو والبيان والتفسير والحديث، وكانت تشد إليه الرحال في كل فن منها؛ إذا علمت هذا علمت مقدار علم ابن مالك وفضله. وكان في الحديث واسع الاطلاع، وكان أكثر ما يستشهد بالقرآن، فإذ لم يكن فيه شاهد عدل إلى الحديث، وإن لم يكن فيه شاهد عدل إلى أشعار العرب، وقد اعترف له فضلاء زمانه بالتقدم والفضل، فكان إمامًا في العادلية ، وكان إذا صلى فيها يشيعه قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان إلى بيته تعظيمًا
مؤلفات ابن مالك
[مؤلفاته: ألف ابن مالك كتبًا كثيرة: منها: ألفية ابن مالك ، وسماها الخلاصة ، وإنما اشتهرت بالألفية لأنها ألف بيت، جمع فيها مقاصد العربية من نحو وصرف. ثانيًا: تسهيل الفوائد وتمهيد المقاصد. وهو مختصر كتاب له اسمه: كتاب الفوائد في النحو. ثالثًا: لامية الأفعال، أو كتاب المفتاح في أبنية الأفعال، ويقال لها لامية ابن مالك . رابعًا: الكافية الشافية، وهي أرجوزة في النحو في ألفين وسبعمائة وسبعة وخمسين بيتًا، ومنها لخص ألفيته هذه. خامسًا: عدة الحافظ وعمدة اللافظ في النحو. سادسًا: سبك المنظوم وفك المختوم في النحو. سابعًا: إيجاز التعريف في علم التصريف. ثامنًا: شواهد التوضيح وتصحيح مشكلات الجامع الصحيح. تاسعًا: كتاب العروض. عاشرًا: تحفة المودود في المقصور والممدود. وهي قصيدة همزية جمع فيها الألفاظ التي آخرها ألف تشتبه أن تكون مقصورة أو ممدوة. الحادي عشر: الألفاظ المختلفة، مجموع مترادفات. الثاني عشر: الاعتضاد في الفرق بين الصاد والضاد، قصيدة مشروحة. الثالث عشر: الإعلام بمثلث الكلام. أرجوزة في نحو ثلاثة آلاف بيت، ذكر فيها الألفاظ التي لكل منها ثلاثة معان باختلاف حركاتها، ورتب تلك الألفاظ على الأبجدية، فهي كالمعجم للمثلثات]. وهذا للشيخ ابن عُثيمين رحمه الله ونفع بعلمه ، والألفية عجيبة لمن تأملها ، وفيها فوائد وإشارات ولطائف لمن تدبرها. 
الحياة العلمية في عصر ابن مالك

الحياة العلمية في عصر ابن مالك

 [بسم الله الرحمن الرحيم. إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم، وبعد. مقدمة: الحالة العلمية في عصر ابن مالك . يمتاز عصر ابن مالك بكثرة ما ألف فيه من كتب في مختلف العلوم والفنون، ويرجع ذلك إلى ما كان يغدقه الملوك على العلماء من المال، وإلى ما كان للعلماء من المنزلة الرفيعة والتوقير لدى السلاطين والحكام، وإلى ما كان من رغبة بعض هؤلاء الملوك في إنشاء الخزانات الخاصة وحمل العلماء على تأليف الكتب برسمها. هذا إلى كثرة إنشاء المدارس وإقبال الطلاب عليها، هذه الحالة التي جعلت العلماء ينكبون على التأليف والتدوين حتى كان ما ألفوه أعظم ثروة علمية للغة والدين والآداب. ولعل كثرة إنشاء المدارس وإقبال الطلاب عليها وتخصيص المدرسين لها؛ لعل ذلك كان سبباً في أن يصبح التعليم صناعة خاصة تحمل العلماء على التفكير في تسهيل العلم على طلابه، وتيسير السبيل عليهم للإحاطة بشوارده، ولعله كان سبباً في أَنْ أكثرَ العلماءُ من نظم العلوم المختلفة، بل من نظم المنظومات المختلفة في العلم الواحد، فإنه من الثابت أن النظم أسرع في الحفظ وأبقى في الذهن من النثر. وإذا علمت أن ابن مالك أندلسي المولد والنشأة، وأن أهل الأندلس إذ ذاك أشد أهل الأرض حباً للعلم وتفانياً في تحصيله وتوقيراً لأهله، وأن ابن مالك ميال بطبعه إلى النظم فلم يكن يعاني في قوله مشقة، ولا يصادفه في إنشائه عنت؛ إذا عرفت ذلك أمكنك أن تدرك السر فيما وصل إليه ابن مالك من العلم والفضل].
 [هو الإمام أبو عبد الله محمد جمال الدين بن عبد الله بن مالك الطائي نسباً الجياني منشأً الدمشقي إقامة ووفاة الشافعي النحوي. ولد رحمه الله سنة (600هـ) بجيان إحدى مدن الأندلس، ثم رحل إلى دمشق واستزاد فيها من العلم، وأقام بها مدة يصنف ويشتغل بالتعليم حتى أدركته منيته لاثنتي عشرة خلت من شعبان سنة (672هـ.


[مشايخه: ابتدأ ابن مالك حياته بالأندلس، فأخذ عن شيوخه ما أخذ، وكانت دمشق مركزاً علمياً يحج وتضرب إليه آباط الإبل]. قوله: (يحج) يعني: يقصد، فالحج هنا يراد به المعنى اللغوي. [فسمت بـابن مالك همته إلى ورود منابعها الصافية، فرحل إليها وأخذ عن أئمتها، وكان من مشايخه فيها وفي الأندلس مكرم و أبو صادق الحسن بن صباح ، و أبو الحسن السخاوي . وممن أخذ عنهم العربية بجيان: أبو المظفر ثابت بن محمد بن يوسف بن خياط الكلاعي من أهل لبلبة، وقرأ كتاب سيبويه على أبي عبد الله بن مالك المرشاني . ومن مشايخه أيضاً: ابن يعيش شارح المفصل، وتلميذه ابن عمران ، وتلميذه ابن عمرون ، ويقال إنه جلس عند أبي علي الشلوبين بضعة عشر يوماً، ونقل التبريزي في أواخر شرح الحاجبية أنه جلس في حلقة ابن الحاجب واستفاد منه، وأخذ القراءة عن أبي العداس أحمد بن نوار وأتقنها حتى صار إماماً فيها، وصنف فيها قصيدة دالية مرموزة في قدر الشاطبية.
 [تلاميذه: وتخرج به جماعة منهم الإمام النووي ، وروى عنه ولده بدر الدين محمد و شمس الدين بن جعوان ، و شمس الدين بن أبي الفتاح ، و ابن العطار ، و زين الدين أبو بكر المزي ، والشيخ أبو الحسين اليويني شيخ المؤرخ الذهبي ، و أبو عبد الله الصيرفي ، وقاضي القضاة بدر الدين بن جماعة ، و شهاب الدين بن غانم و ناصر الدين بن شافع ، وخلق سواهم. وروى عنه الألفية شهاب الدين محمود ، ورواها الصفدي خليل عن شهاب الدين محمود قراءة ، ورواها إجازة عن ناصر الدين شافع بن عبد الظاهر ، وعن شهاب الدين بن غانم بالإجازة عنهما عنه].


[أخلاقه: كان على جانب عظيم من الدين والعبادة وكثرة النوافل وحسن السمت، وكمال العقل والعفة. ومن مظاهر إخلاصه لله في عمله ما قيل من أنه كان يخرج على باب مدرسته ويقول: هل من راغب في علم الحديث أو التفسير أو كذا أو كذا، قد أخلصتها من ذمتي، فإذ لم يجد قال: خرجت من آفة الكتمان. وكان سليم الخلال رزيناً حيياً وقوراً، جم التواضع على كثرة علمه، شغوفاً بالإفادة شديد الحرص على العلم والتعليم. كان إماماً فذاً في علوم العربية، فقد صرف همته إلى إتقان لسان العرب حتى بلغ فيه الغاية وأربى على المتقدمين، وكان إليه المنتهى في اللغة، وكان في النحو والتصريف البحر الزاخر والطود الشامخ حتى كانت شهرته على الخصوص بهما، وجل تأليفه فيهما. ومن رسوخ قدمه في النحو أنه كان يقول عن ابن الحاجب وهو أحد أئمة العربية: إنه أخذ نحوه عن صاحب المفصل وصاحب المفصل نحوي صغير. وإذا علمت أنه يقول هذا في حق الزمخشري وهو إمام عصره في اللغة والنحو والبيان والتفسير والحديث، وكانت تشد إليه الرحال في كل فن منها؛ إذا علمت هذا علمت مقدار علم ابن مالك وفضله. وكان في الحديث واسع الاطلاع، وكان أكثر ما يستشهد بالقرآن، فإذ لم يكن فيه شاهد عدل إلى الحديث، وإن لم يكن فيه شاهد عدل إلى أشعار العرب، وقد اعترف له فضلاء زمانه بالتقدم والفضل، فكان إماماً في العادلية، وكان إذا صلى فيها يشيعه قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان إلى بيته تعظيماً له].
  
  
[مؤلفاته: ألف ابن مالك كتباً كثيرة: منها: ألفية ابن مالك ، وسماها الخلاصة، وإنما اشتهرت بالألفية لأنها ألف بيت، جمع فيها مقاصد العربية من نحو وصرف. ثانياً: تسهيل الفوائد وتمهيد المقاصد. وهو مختصر كتاب له اسمه: كتاب الفوائد في النحو. ثالثاً: لامية الأفعال، أو كتاب المفتاح في أبنية الأفعال، ويقال لها لامية ابن مالك . رابعاً: الكافية الشافية، وهي أرجوزة في النحو في ألفين وسبعمائة وسبعة وخمسين بيتاً، ومنها لخص ألفيته هذه. خامساً: عدة الحافظ وعمدة اللافظ في النحو. سادساً: سبك المنظوم وفك المختوم في النحو. سابعاً: إيجاز التعريف في علم التصريف. ثامناً: شواهد التوضيح وتصحيح مشكلات الجامع الصحيح. تاسعاً: كتاب العروض. عاشراً: تحفة المودود في المقصور والممدود. وهي قصيدة همزية جمع فيها الألفاظ التي آخرها ألف تشتبه أن تكون مقصورة أو ممدوة. الحادي عشر: الألفاظ المختلفة، مجموع مترادفات. الثاني عشر: الاعتضاد في الفرق بين الصاد والضاد، قصيدة مشروحة. الثالث عشر: الإعلام بمثلث الكلام. أرجوزة في نحو ثلاثة آلاف بيت، ذكر فيها الألفاظ التي لكل منها ثلاثة معان باختلاف حركاتها، ورتب تلك الألفاظ على الأبجدية، فهي كالمعجم للمثلثات].
  
  
[الألفية: تقدم ابن مالك في عمل ألفية نحوية ابن معط ، ثم جاء ابن مالك فنظم ألفيته هذه، وفيها يقول: فائقة ألفية ابن معط . وتمتاز ألفية ابن مالك عن ألفية ابن معط بأنها من بحر واحد هو كامل الرجز، وتلك من السريع والرجز، وأنها أكثر أحكاماً منها. وللجلال السيوطي ألفية زاد فيها على هذه كثيراً، وقال في أولها: فائقة ألفية ابن مالك ]. لكن السيوطي رحمه الله يقول: فائقة ألفية ابن مالك لكونها واضحة المسالك وليست أوضح من ألفية ابن مالك ، فهي لا تكاد يفهم منها شيء. و للأجهوري المالكي ألفية زاد فيها على السيوطي وقال: فائقة ألفية السيوطي . والذي نستطيع أن نقوله: إن ألفية ابن مالك هي التي كتب لها البقاء وعم الانتفاع بها، فهي مراد لكل مريد للعربية، وهي التي تناولها كثير من العلماء بالشرح والتبسيط والتوضيح.
  

[شراح الألفية: حازت ألفية ابن مالك عناية الكثيرين من أئمة النحو، فتناولوها بالشرح والتفسير، ومن شراحها المؤلف وابنه بدر الدين محمد و برهان الدين إبراهيم الأبناسي الهاشمي، وبهاء الدين بن عقيل، والشيخ عبد الله الأودكاوي وبدر الدين الحسن المصري المعروف بـابن أم قاسم، ونور الدين أبو الحسن الأشمورني، و المختار بن بونه ، وزين الدين عبد الرحمن المعروف بـالعيني ، و أبو زيد عبد الرحمن المكودي ، و أبو محمد القاسم الرعيني الأندلسي ، و شمس الدين أبو عبد الله الهواري الأندلسي وغيرهم]. وأكثر شروحها ذيوعاً وانتشاراً شرح ابن عقيل وشرح الأشموني . أما أوضح المسالك فليس بشرح؛ لأنه لا يذكر الأبيات ويشرحها. قرأنا المقدمة، وكان مما مر علينا أن من تلاميذ ابن مالك النووي رحمه الله، وقد ذكر بعض العلماء أن قول ابن مالك في باب المبتدأ والخبر: (ورجل من الكرام عندنا) يقصد به النووي، وذكر النووي رحمه الله في باب صفة الصلاة عند الكلام على حكم الكلام في الصلاة؛ ذكر ابن مالك ووصفه بأنه: (شيخنا الذي انتهت إليه في عصرنا الإمامة في اللغة العربية) فأثنى عليه كثيراً، وهذه شهادة من النووي رحمه الله لـابن مالك .

الأخطار التي تهدد الجهاز العصبي


تعريف الجهاز العصبي:
الجهاز العصبي هو جهاز  يسيطر ويتحكم في حركات ووظائف جميع الأعضاء والأجهزة في جسم الإنسان .

وذلك لضبط وتنظيم جميع العمليات الحيوية ، سواء كانت هذه الوظائف والحركات إرادية أو غير إرادية .
مكونات الجهاز العصبي
يتكون الجهاز العصبي من جزئين رئيسيين هم:
1.الجهاز العصبي المركزي .
2. الجهاز العصبي الطرفي

الأخطار التي تهدد الجهاز العصبي :
يتأثر الجهاز العصبي بأخطار متعددة  بالامراض والاصابات ومن أكثر أمراض و أخطار الجهاز العصبي شيوعا:تصلب الشرايين :الذي ينتج عن تراكم الترسبات الدهنية في الشرايين وتسبب تلك الترسبات زيادة صلابة جدران الشرايين وسمكها مما يؤدي الى التقليل من سرعة سريان الدم وتنتج تجلطات الدم في بعض الاحيان في الاوعية في الاوعية المصابة بتصلب الشرايين وقد تؤدي تلك التجلطات الى أزمة قلبية أو سكتة دماغية.
الصـــرع : في الوضع الطبيعي تنتج خلايا الدماغ بعض الطاقة الكهربائية ترسل عبر الجهاز العصبي لتحريك العضلات. وفي حالات الصرع يفشل دماغ المريض في التحكم في انتاج الطاقة الكهربائية وبالتالي تحدث صدمة الصرع (نوبة الصرع) حيث تخرج هذه الخلايا دفعة عنيفة ومفاجئة من الطاقة الكهربائية .
النزف الوعائي نزف الدم من الاوعية الدموية ويحدث عندما يكون هناك جرح في الشرايين أو الاوردة أو الشعيرات.
مرض باركنسونسمي المرض باسم مكتشفه الطبيب البريطاني جيمس باركنسون عام 1817م. وهو مرض يصيب الدماغ ويقلل القدرة على التحكم في الأعصاب. وهو في الغالب يصيب البالغين ما بين سن الخمسين والسبعين.
الإكتئاب :اعتلال عقلي خطير ، يعاني الشخص فيه فترات طويلة من الحزن والمشاعر السلبية الاخرى ،.
الالتهاب السحائي  : هو مرض يصيب الأغشية التي تغطي الدماغ والنخاع الشوكي والتي تعرف باسم السحايا. كما يصيب السائل الدماغي الشوكي الذي يحيط بالدماغ والنخاع الشوكي. و الرضع والأطفال أكثر تعرضاً للاصابة بالمرض، ويتماثل معظم المرضى للشفاء التام من المرض. وقد يسبب الالتهاب السحائي البكتيري تلفاً حاداً للدماغ ينتهي بوفاة المريض. وقد يؤدي الى الشلل والصمم وضعف العضلات والتخلف العقلي والعمى. والانسان الضعيف أو المصاب بالانيميا أكثر عرضة للاصابة بالمرض.
البري بري  يحدث بسبب نقص فيتامين (ب-أ) أو الثامين ويشتق اسمه من اللغة السنهالية.  نقص فيتامين (ب-أ) وتناول الخمور والمخدرات.
التصلب المتعدد  يصيب الجهاز العصبي وقد تستمر الاصابة به لعدة سنوات وفي نهاية الأمر يصاب المريض بالشلل وبفقدان جزئي في الابصار، ويصيب النساء أكثر من الرجاء وهو من أمراض المناطق الباردة وغالبية المرضى ما بين سن 20 الى 45 سنة، ولايمكن علاج هذا المرض.
السكتة الدماغية هي عدم وصول الدم بشكل مفاجئ الى المخ، وهي حالة طبية طارئة قد ينتج عنها شلل.
الصداع  ويتفاوت ما بين صداع خفيف الى صداع حاد، وقد يستمر أقل من ساعة أوعدة أيام
الشقيقة أو الصداع النصفي أو الصداع المرضي هو واحد من أقسى أنواع الصداع، وأشدها. ويطلق عليه أيضا الصداع المرضي بسبب الألم الذي يسببه
الصداع التوتري وهو أكثر أنواع الصداع شيوعا، وهو يرتبط بازدياد توتر عضلات الوجه.

 وقاية الجهاز العصبيّ :
 تزويده بالعناصر الغذائية: تحاط أعضاء الجهاز العصبي بطبقة دهنية توفر له الحماية تسمى بالمايلين، والتي يجب حمايتها من التآكل الذي قد ينتج عن الإصابة بأحد أمراض المناعة الذاتية، التي تتسبب في ضعف العضلات مع عدم وضوح الرؤية، ولهذا فإن اتباع نظام غذائي صحي وموزون يعتبر ضورة قسوة من أجل المحافظة على سلامة المادة الدهنية وبتالي سلامة الجهاز العصبي وأعضاءه بحيث يحتوي على كميات كافية من الفيتامينات ولاسيما فيتامين ب12،ب6، وفيتامين د، إضافة لحمض الفوليك والإكثار من تناول الفاكهة والخضار والحبوب الكاملة. شرب كميات وافرة من الماء: فهذا بقصد جماية الجسم من التعرض للجفاف الذي ينتج معه حدوث اضطرابات عصبية ومشاكل في الذاكرة، ولمنع الجفاف عليكم بالتالي: شرب ما لا يقل عن 8 أكواب من الماء يومياً أو غيره من السوائل الأخرى، شرب الماء قبل وبعد ممارسة التمارين الرياضية، الحد من تلك المشروبات المحتوية على الكافيين كالقهوة والشاي والمشروبات الغازية. * ممارسة التمارين التي تستهدف الجهاز العصبي: ويمكن هذا من خلال ممارسة تمارين الكتابة والتي تستخدم عدد من المستقبلات الحسية والأعصاب الطرفية إضافة لمسارات في الحبل الشوكي فجميعها يتم استخدامها من أجل الحصول على خط متناسق وكلمات دقيقة، فهذا التمرين من شأنه أن يحافظ على صحة الجهاز العصبي من خلال ممارسة الكتابة بما لا يقل عن 15 دقيقة يومياً. ممارسة الرياضات الأخرى أيضاً تلعب دور في صحة الجهاز العصبي وسلامته، كغيره من أجهزة الجسم الأخرى، الأمر الذي يقلل من خطر تعرض الجسم لأمراض والتهابات قد تصيب الجهاز العصبي.


إرشادات عامة لوقاية الجهاز العصبي :


 تجنب التدخين، وغيرها من منتجات التبغ والأرقية. أخذ قسط كافٍ من الراحة. حماية الجسم من المخدرات والكحول. العناية الصحية والاهتمام بمرض السكري وارتفاع ضغط الدم، وعدم التخاذل عن علاجهما. مراجعة الطبيب الدورية والاطمئنان على حواس البصر والسمع. ممارسة تمارين التركيز وتنشيط الجهاز العصبي بشكل دوري. حدد أولوياتك ولا تزيد من الضغط الواقع على الجهاز العصبي.


مقالات

أخبار