أهم المشكلات الاجتماعية وسبل الوقاية منها وعلاجها
الدرس الأول: الانحراف الفكري والسلوكي، وانتشار وسائل الإعلام المضللة، ضعف صلة كثير من الشباب بعلماء الأمة وعقلائها.
الدرس الثاني: فشو الفواحش الأخلاقية (الزنا، واللواط، والقذف، واختلاط المحرم)، والمخدرات والمسكرات والدخان .
أهداف الوحدة:
1) أن يتعرف الطالب على أهم المشكلات الاجتماعية في واقعنا المعاصر .
2) أن يعدد الطالب أهم مظاهر الانحراف الفكري والسلوكي عند الشباب والفتيات.
3) أن يميز الطالب بين الغلو في الدِّين والتفريط فيه، والمنهج الصحيح الواجب اتباعه.
4) أن يوضح الطالب أهم سبل الوقاية من الآثار السلبية لوسائل الإعلام والاتصالات.
5) أن يتمكن الطالب من الاستفادة من وسائل الإعلام والاتصالات الحديثة بطريقة .
6) أن يستشعر الطالب أهمية توثيق صلته بالعلماء والعقلاء المخلصين، وعرض المشكلات عليهم، والاستماع إلى آرائهم وتوجيهاتهم .
7) أن يتعرف الطالب على خطر فشو الفواحش الأخلاقية وانتشارها على الفرد والمجتمع.
8) أن يتعرف الطالب على جملة الأحكام والتشريعات الإسلامية التي تهدف إلى منع الوقوع في الزنا والفواحش كالتبرج والاختلاط والخلوة والنظر غير المباح .
9) أن يتعرف الطالب على سبل الوقاية والعلاج من الفواحش الأخلاقية .
10) أن يتعرف الطالب على الأضرار الدينية والصحية والاقتصادية والاجتماعية المترتبة على تعاطي المسكرات والمخدرات والدخان .
11) أن يتعرف الطالب على دور الأسرة , والمسجد, والمؤسسات التعليمية, والمراكز الثقافية في حل المشكلات الاجتماعية .
12) أن يستطيع الطالب التعامل مع المشكلات الاجتماعية بطريقة صحيحة ومثمرة .
لا تخلو حياة المسلمين المعاصرة من مشكلات تنتظر التشخيص وبيان سبل الوقاية والعلاج، وهذه المشكلات إجمالاً على النحو التالي:
1) الانحراف الفكري والسلوكي عند بعض الشباب .
2) انتشار وسائل الإعلام المضللة .
3) ضعف صلة كثير من الشباب بعلماء الأمة وعقلائها .
4) فشو الفواحش الأخلاقية.
5) المخدرات والمسكرات والدخان .
وبيانها بالتفصيل في ضوء العناصر الآتية :
الدرس الأول: الانحراف الفكري والسلوكي، وانتشار وسائل الإعلام المضللة، وضعف صلة كثير من الشباب بعلماء الأمة وعقلائها .
المشكلة الأولى: انحراف بعض الشباب:
لا يخفى أن الشباب الصالح مصدر قوة للمجتمعات، فعليهم تعقد الآمال، وبإراداتهم الجادة وسواعدهم المنتجة، تتحقق الطموحات السامية، أما إذا كانوا فاسدين، فإنهم يكونون سببا في تدمير أنفسهم، وتدمير مجتمعهم وتحطيم آمالهم وآماله.
هذا، ومن أهم أنواع انحراف الشباب ما يلي:
1ـ الانحراف الفكري: وهو أخطر أنواع الانحراف، حيث يعتنق الشباب أفكاراً غير سويَّة تهدم معالم الدين، كالعَلْمانية، والقومية، وانتقاص أحكام الإسلام، أو اعتقاد عدم وجوب الحكم بما أنزل الله، أو انتقاص الصحابة والسلف الصالح، أو التشكيك في الحضارة الإسلامية ومقوماتها، أو الفهم الخاطىء لمعنى القضاء والقدر، أو التشدد في الأخذ بتعاليم الدين وأحكامه. وغالباً ما يترتب على هذا الانحراف الفكري، التسبب في هدم الدين من داخله أو من خارجه.
ويشهد لهذا ما ورد: أن بعض أصحاب النبي r قال: أنا أصلي الليل أبداً، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النسـاء فلا أتزوج أبداً، فجاء إليهم النبي r فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟. أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني.
وهكذا استطاع النبي r ببيانه أن يحقق الأمن الثقافي للمجتمع المسلم، ويحميه من الانحراف الفكري والغلو في الدين وإن كانت دواعيه سامية؛ لئلا يصير هؤلاء النفر قدوة لغيرهم، في الخروج على سنن الاعتدال والوسطية التي جاء بها الإسلام، وحينئذ يُضِلُّون غيرَهم بغير علم ولا هدى، ويكونون سبباً في تشدد المجتمع وانغلاقه على ذاته، فيهدمون الإسلام من داخله و ينفرون الناسَ عنه.
ومما يهدم الدين من خارجه إقبال بعض الشباب على الثقافات والأفكار غير الإسلامية، التي تزعزع فطرتهم، وتخلخل معتقداتهم، وذلك قبل أن يتعمَّقوا في دين الله ويحيطوا بمعالمه العامة، ويكوِّنوا لأنفسهم حصانة فكرية تحميهم من الانزلاق في الشبهات واتِّباع غير الحق، قال عمر t: قلتُ للنبي r: مررتُ بيهودي من يهود قريظة، فكتب لي جوامع من التوراة لأعرضها عليك، قال: فتغيَّر وجه رسول الله r، قال عبد الله بن ثابت: فقلت لعمر: ألا ترى إلى ما بوجه النبي r؟. فقال عمر: رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً، قال: فسُرِّي عن النبي r ثم قال: والذي نفسي بيده، لو أصبح موسى بين أظْهُرِكم، ما وسِعَه إلا أن يتبعني، ولو تركتموني لضللتم .
ولا يفهمنَّ أحد أن الإسلام يمنع من الابتكار والتجديد والانفتاح على العلوم والثقافات الأخرى النافعة، إذ لا يخفى ما حفلت به آيات القرآن الكريم، وأحاديث النبي r من الدعوة إلى العلم النافع الذي ينمِّي المجتمعات، ويرفع من شأنها، ومن هذا قوله تعالى: ) وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً ( . وقوله r: " الحكمة ضالة المؤمن، فحيث وجدها فهو أحق بها ".
2ـ الانحراف السلوكي: لا يخفى وجود بعض مظاهر الانحراف السلوكي عند بعض المسلمين في المعاملات المالية وفي الأخلاق، وقد نتج عن ذلك ازدياد أعمال الفساد والجريمة، من نصب، واحتيال، وسرقة، وأكل للمال بالباطل، ومحاباة، ونفعية، فضلاً عن التبرج، والاختلاط، وتبادل النظرات والمحادثات المحرمة بين الشباب والفتيات، والجرأة على اقتراف المنكرات، والتقاصر عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والاستهتار بالآخرين وعدم الاستحياء منهم...
كما نَشِطَ التشبه بغير المسلمين في الأعياد، والمناسبات، والمواسم، والاجتماعات، والمهرجانات، وأزياء الملابس(الموضات)، وفي حفلات الزواج، وفي العطلة الأسبوعية، والإجازات، ونحو ذلك مما فيه ابتعاد عن هدي النبوة، وينطبق عليه حديث: " من تشبَّه بقوم فهو منهم ".
هذا، وإنما نهينا عن التشبه بغير المسلمين؛ تجنباً لحبهم وموالاتهم، وتقمص شخصيتهم، وحفاظاً على الهوية الإسلامية والشخصية المسلمة المتميزة بعقيدتها وسلوكها وعاداتها وولائها لدين الله تعالى القائل:) صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ ( .
هذا، ولا ينبغي الخلط بين عبادات غير المسلمين وعاداتهم، وبين إنجازاتهم التي فيها مصلحة للمسلمين في حياتهم الدنيوية، كالابتكارات والاختراعات والمصالح الأخرى المشابهة، فإنه ينبغي الاستفادة منها والعمل بها، وهي ليست من التشبه بهم في شيء، ويشهد لهذا: اقتراح سلمان الفارسي t على النبي r حفر الخندق لصد هجوم الأحزاب على المدينة، وقوله للنبي r: كانت الفرس تصنع مثل هذا إذا حزبهم البأس، فأقر النبي r هذا الاقتراح، وأمر أصحابه بحفر الخندق...
المشكلة الثانية : انتشار وسائل الإعلام المضللة:
يكاد يتفق الباحثون على أن الإعلام بمعناه الصحيح هو: تزويد الناس بالمعلومات الصحيحة، والترفيه عنهم بنشر الأخبار الصادقة، والإبداعات المفيدة، والحقائق والحوادث وغيرها، مما يساعد على فهم المشكلات وتكوين رأي صائب ينمي المجتمع ويرتقي بأفراده. فإذا خلت وسائل الإعلام من هذه المعاني، صارت وسائل تضليل وتدمير للناس.
وقد تعددت وتنوعت وسائل الإعلام المعاصرة من مقروءة ومسموعة ومرئية، وإن كثيرا من مواقع " الإنترنيت " وقنوات التلفزيون " من أخطر هذه الوسائل الإعلامية، فهي قد أخذت مكان الصدارة في شؤون التربية والتعليم والترفيه والتوجيه والتأثير وخاصة على الناشئة، بما فيها من إمكانيات متنوعة وفائقة وجذابة، يسهل التعامل معها والوصول إليها في أغلب الأحيان والأماكن.
ولا يخفى أن النسبة العظمى من هذه الوسائل الإعلامية بما هي عليه الآن، تقوم بعملية غسيل المخ بعيداً عن القيم الإنسانية النبيلة، والسلوك الفطري السوي، وعن تعاليم الإسلام وهديه ومقاصده، حيث تُعرَض فيها على جميع أفراد الأسرة والمجتمع ـ كباراً وصغاراً، نساء ورجالاً، مثقفين وغير مثقفين ـ الأفكار والقيم الضالة المحطمة للعقيدة والمدمرة للأخلاق، تحت ستار: حرية الرأي، أو البحث العلمي، أو النقاش الموضوعي، أو التجديد والتطوير، أو الترفيه، وتزين فيها الأقوال والأفعال القبيحة من غمز ولمز وغيبة ونميمة، وتكشُّف واختلاط ورقص، وتشاهد في برامجها وتمثيلياتها وحفلاتها صور الخلاعة والميوعة والمجون، وزرع الرذيلة والعنف والجريمة، والسخرية من الحجاب، والتهكم بعلماء الإسلام وبالمعلمين وغيرهم، باسم الترفيه !
هذا، وقد أجرى الدكتور محيي الدين عبد الحليم دراسة جادة بحث فيها الآثار السلبية للتلفزيون على مجموعات من الشباب في ست جامعات مصرية، فتبين له: أن كِفَّة السلبيات رجحت على كفة الإيجابيات، وأن كثيرا من التمثيليات لا تقدم ما يفيد، وأنها تحطم قيم المجتمع الدينية وأخلاقه الفاضلة، وتساعد على الانحراف، وتدفع إلى الرذيلة، وتقتل الوقت، ولا تتناول قضايا المجتمع ومشاكله، وأن الجمهور وإن كان يُقبِل على مشاهدة وسائل الإعلام هذه، فليس معنى ذلك أنه مقتنع بها أو راض عن هذه الأعمال، وإنما يراها لقوة تأثيرها وانعدام البدائل الأخرى... .
وفي دراسة أخرى أجراها الدكتور عبد الرحمن العيسوي على مجموعات من الشباب اللبناني، أظهرت النتائج: أن الغالبية من هذه العيِّنات وهي (72%) يعتبرون أن ضرر التلفزيون أكثر من نفعه، بناء على ما لمسوه مما يقدَّم من خلال الشاشة، مما فيه مناظر مثيرة تشجع على المعاكسة، وطلب اللذة المبتذلة، وتحث على العنف والجريمة، وتهدم الأخلاق الاجتماعية السوية، والقيم الإنسانية النبيلة.
سبل الوقاية والعلاج من الآثار السلبية للقنوات الفضائية:
إنه لا يسع المسلم أمام هذه الأخطار المحدقة به من وسائل الإعلام المضللة، إلا أن يعمد إلى ما يلي:
1ـ مراقبة الله تعالى في السر والعلن، وطلب رضوانه من خلال العمل على مقاطعة الوسائل والمواقع والقنوات الإعلامية التي اشتهرت بالانحراف والفساد، والعمل أيضاً على دعوة الآخرين إلى مقاطعتها والتحذير منها.
2 ـ تنظيم الأوقات في مشاهدة وسائل الإعلام فيما فيه جدية ظاهرة ونفع وفائدة، وعدم الانجرار وراء وسائل الإعلام والانغماس في مسلسلاتها وبرامجها عموماً، وعدم تضييع الأوقات فيما لا جدوى فيه.
3 ـ ملء أوقات الفراغ بالأعمال والهوايات المفيدة، كالقراءة الهادفة، والرياضة المناسبة، وزيارة الأقارب والأصدقاء، وتقوية الوازع الديني بحضور المحاضرات والندوات ونحوها من النشاطات الثقافية والاجتماعية والتطوعية النافعة.
4 ـ عدم السكوت على هذه المواقع والمشاهد والمواقف المنحرفة والمضللة، بل مناقشة أفكارها، وبيان أخطارها ـ للصغار والكبار ـ وتحذيرهم منها، وتجلية الموقف الصحيح الذي تحجبه عن الناس. قال الله تعالى: ) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُواْ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ( .
المشكلة الثالثة: ضعف صلة كثير من الشباب بعلماء الإسلام وعقلائه:
من أخطر المشكلات الاجتماعية أثراً، ابتعاد كثير من الشباب عن علماء الدين وضعف الصلة بمجالسهم، وعدم الاهتمام بها، ظناً منهم أنهم قادرون بأنفسهم على تكوين مشاعر إيمانية، وأخلاق دينية، وثقافة إسلامية كافية من الكتب التي تقع عليها أيديهم، أو من وسائل الإعلام.
والواقع غير ذلك؛ لأن علماء الأمة الربانيين، هم منارات الهدى في أي مجتمع؛ بما أعطاهم الله تعالى من العلم النافع، الذي يُعرَف به الحلال من الحرام، والصواب من الخطأ، وهم الحصانة للأفراد في السراء والضراء، ولهذا فضلهم الله تعالى على غيرهم فقال ) قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُو الأَلْبَابِ ( .
إن العلماء هم ورثة الأنبياء، وإن صحبتهم من أقوى العوامل في إصلاح الفرد المسلم، وتعميق إيمانه، وتطبيع أخلاقه على الاعتدال من غير إفراط ولا تفريط، وتفقيهه أمور الدين، وإعداده روحياً، وتكوينه تربوياً، والأخذ بيده نحو الكمال المنشود: ) يَـأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ (. وعن ابن عباس t قال: قيل: يا رسول الله: أيُّ جلسائنا خير ؟ قال: "من ذكَّركم اللهَ رؤيتُه، وزاد في عملكم منطقُه، وذكَّركم بالآخرة عملُه".
إن مما ينبغي على شباب هذه الأمة، توثيق صلتهم بالعلماء الربانيين المخلصين وتقويتها، والإكثار من زياراتهم، وحضور مجالسهم والتعلم منهم، واحترامهم وإكرامهم، وعرض المشكلات عليهم، والاستماع إلى آرائهم وتوجيهاتهم، وتلك الصفات ـ بحق ـ من أهم أسباب الحصانة من الانحراف بكافة أنواعه وصوره، وهي أيضاً من أبرز عوامل الارتقاء بالأمة، وتحقيق آمالها وطموحاتها، وبخاصة في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها المسلمون، قال الشعبي: صلَّى زيد بن ثابت t على جنازة، فقُرِّبت إليه بغلته ليركبها، فجاء ابن عباس t فأخذ بركابه، فقال زيد: خلِّ عنك يا ابن عم رسول الله r فقال ابن عباس: هكذا أُمِرْنا أن نفعل بعلمائنا، فقبَّل زيد يده وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا r.
سبل الوقاية من هذه المشكلات وعلاجها:
زيادة على ما تقدم ذكره من سبل الوقاية والعلاج للمشكلات الاجتماعية الآنفة، يجدر التنويه بسبل أخرى منها:
1- تحصين الشباب بالثقافة الإسلامية الواعية من خلال الاهتمام بالرعاية الأسرية والبرامج الإعلامية الدينية والتربوية، وربطهم بالمساجد، وتعريفهم بالأحكام الشرعية لتلك المشكلات، والخطورة المترتبة عليها، قال الله تعالى: ) قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُو الأَلْبَابِ ( .
2- الإكثار من ذكر القصص والنماذج والمواقف التاريخية لرجالٍ وشبابٍ ونساءٍ كانوا في موضع القدوة الصالحة، وقد قيل:إن الحكايات جند من جنود الله تعالى، يثبِّت بها قلوب أوليائه، وهذا مصداق قوله تعالى: ) وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ( .
3- حث الشباب والفتيات على الزواج المبكر، وتيسير أسبابه لهم، وتقليل المهور ونفقات الأعراس؛ لتحصينهم ضد الإغراءات والمفاسد: (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر و أحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وِجَاء).
4- عدم التهاون مع المتبرجات، ومنع الخلوة والمحادثات الفاتنة، والاختلاط المحرَّم، في المجالس والمنتديات ونحوها، والعمل على تجنُّب ما يثير الغرائز، ومحاسبة من يجترئ على ذلك، قـال الله تـعـالى: ) قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ( ) وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ( .
5- إنزال العقوبة الشرعية بالمفسدين والمجرمين، وعدم التهاون معهم؛ لما يسبِّبونه من أضرار ومفاسد دينية وأخلاقية وصحية ومعيشية، تدمر المجتمع ومكتسباته عاجلاً أو آجلاً، قال الله تعالى: ) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يأُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ( .
الدرس الثاني: فشو الفواحش الأخلاقية (الزنا، واللواط، والقذف، والاختلاط المحرم )، والمخدرات والمسكرات والدخان.
المشكلة الرابعة : فشو الفواحش الأخلاقية: (كالزنا، واللواط، والقذف والاختلاط..)
وإليك أخي الكريم بيان حُكمها وحِكمة تحريمها، والأخطار المترتبة عليها.
حرم الله سبحانه وتعالى الفواحش بشتى أنواعها، ليبقى المجتمع سليماً نظيفاً نقياً، مادياً ومعنوياً، قال تعالى: ) وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ( ومن هذه الفواحش:
1- فاحشة الزنا:
حكمه: هو حرام، ومن كبائر الذنوب بالكتاب والسنة وإجماع الأمة.
قال تعالى: ) وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلاً ( .
وقال r : "من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويظهر الجهل، ويشرب الخمر، ويظهر الزنا.. " وقال r : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن".
وأما الإجماع فقد أجمع المسلمون على اختلاف مذاهبهم على تحريم الزنا.
وأما الحكمة من تحريم الزنا: فتتجلى بإظهار مفاسده وأضراره على الفرد والمجتمع، بل وعلى الإنسانية كلها في حال معاشهم ومعادهم، ومن هذه الأضرار والمخاطر التي حُرِّم الزنا من أجلها:
1- الزنا يسبب أمراضاً فتاكة تعصف بحياة أفراد المجتمع، كالسيلان والزهري والأيدز وغيرها، كما أنه سبب في العذاب الأليم يوم القيامة، لأنه من الكبائر.
2- الزنا يفسد نظام البيت ويقطع العلاقة بين الزوجين، ويعرض الأولاد لسوء التربية والتشرد والانحراف، كما أنه يسبب ضياع النسب.
3- الزنا وإن أشبع الرغبات الجنسية، إلا أنه لا يشبع الرغبات الروحية، والتي هي من مقاصد الزواج الشرعي.
4- الزنا يكون سبباً في العزوف عن الزواج الشرعي، وهو عملية حيوانية مؤقتة لا تبعة وراءها، يمجها الطبع السليم، وينأى عنها الإنسان السوي الشريف.
2- اللـواط:
واللواط فعلة قذرة وانحراف عن الفطرة، وشذوذ في السلوك، ومن أبشع المنكرات وأخطرها على الإنسانية من جميع الجوانب، وقد فعله قوم لوط عليه السلام، فعاقبهم الله عقاباً شديداً .
حكم اللواط:هو حرام من كبائر الذنوب، ودليله من الكتاب والسنة والإجماع.
قوله تعالى: ) وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ ) ( إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَآءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ( .
وقال r"من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل والمفعول به".
و قد أجمعت الأمة على تحريمه.
الحكمة من تحريم اللواط: حُرّم اللواط لأنه من أكبر الجرائم والفواحش التي تسبب فساد الدين والخلق، والفطرة والدنيا، والحياة نفسها، ولهذا كان عقاب مرتكبيها مناسباً لبشاعة فعلهم، فخسف الله الأرض بقوم لوط، وأمطر عليهم ) فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ ( ) مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (، وأمر r بقتل الفاعل والمفعول به كما تقدم.
ومن الأخطار والأضرار المترتبة على هذا الفعل :
1- مقت الله سبحانه وتعالى ولعنته، ثم مقت الناس وازدراؤهم لمن يتجرأ على مثل هذا الفعل.
2- يسبب هذا الفعل انصراف الرجل عن المرأة، وعجزه - أحياناً - عن مباشرتها، وبهذا تتعطل وظيفة الزواج وإنجاب الأولاد، وقد قال قوم لوط له عندما عرض عليهم نكاح بناته وترك أضيافه: ) قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ ( .
3- يسبب لفاعله أمراضاً فتَّاكة، منها الحمى التيفودية، والدوسنطاريا، والايدز وغيرها، كما يسبب تمزق المستقيم، وهتك أنسجته، وارتخاء عضلاته.
4- اللواط لوثه أخلاقية، ومرض نفسي، وفساد للطباع، فصاحبه لا يميز بين الفضيلة والرذيلة، عديم الوجدان ميت الضمير، لا يتحرج من السطو، وارتكاب الجرائم، واختطاف الأبرياء وإن كانوا صغاراً
3- القذف:
وهو الرمي بالزنا في معرض التعيير أو في النسب مما يوجب الحد منهما .
حكم القذف: هو محرم بالكتاب والسنة وإجماع الأمة.
قال تعالى: ) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُواْ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ( وقال تعالى: ) إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُواْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ( ) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ( .
وقال النبي r " اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله... وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات".
كما أجمع العلماء على تحريم القذف وعدوه من الكبائر.
حِكمة تحريم القذف: تقدم الكلام على الحكمة من تحريم الزنا واللواط، ويضاف هنا أيضاً: لبشاعة هذه الجرائم كان الرمي والاتهام بها شنيعاً وذلك لحماية الأعراض وصونها عن التهم والطعون، والمحافظة على سمعة الإنسان وصيانة كرامته، ومنع ضعاف النفوس من إشاعة الفاحشة في الأبرياء الغافلين، والمحافظة على مشاعر أفراد الأسرة والعمل على تماسكها، وبالتالي تماسك أفراد المجتمع بشكل عام.
المخاطر المترتبة على القذف : لا شك أن القذف له خطر عظيم، ولهذا رتب الله تعالى عليه عقوبة تناسب هذا الفعل، وهو جلد القاذف ثمانين جلدة، ووصفه بالفاسق، وعدم قبول شهادته ومن هذه المخاطر: أن القذف يؤدي إلى لحوق العار والمعرة بالمقذوف و المقذوفة، و من يقربهما وتشعب ظنون الناس حوله، ويؤدي إلى التشكيك في نسب الأولاد، ويتسبب في تفكك الأسر وانهيارها، كما يؤدي إلى الأحقاد والعداء بين أفراد الأسره، وأحياناً إلى المشاجرات وسفك الدماء.
4- الاختلاط المحرّم بين الرجال والنساء:
حكمه: الاختلاط منهي عنه، لما له من أضرار ومخاطر كثيرة، وذلك كالاختلاط في الحفلات العامة أو المناسبات، والمنتديات واستقبال الزوار، أو ميدان العمل، أو المدارس، والجامعات، والمستشفيات والأسواق ونحوها.
ومن أدلة النهي عنه قوله تعالى: )وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى( وقوله تعالى: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء".
وقولـه r "خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها" .
قال الإمام النووي: المراد بالحديث: صفوف النساء اللواتي يصلين مع الرجال، وأما إذا صلين متميزات لا مع الرجال، فهن كالرجال خير صفوفهن أولها وشرها آخرها، وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال، لبعدهن من مخالطة الرجال ورؤيتهم، وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك، وذم أول صفوفهن، لعكس ذلك. أ هـ
حكمة تحريم الاختلاط:
1ـ سد باب الفتنة، ومنع وقوع الفواحش، من تبرج، وعري، وَزِنىً ونحوها.
2ـ حفظ الأعراض، والبقاء على الحياء عند الرجال والنساء على حد سواء.
3ـ تحقيق الطمأنينة، والمحافظة على السلامة العقلية والنفسية والصحية.
4ـ المحافظة على تماسك الأسرة، وحفظها من الشكوك، والتهتك والتفكك.
الأخطار المترتبة على الاختلاط، ومنها ما يأتي:
1- فساد الأخلاق وإماتة الضمائر، وقتل الغيرة لدى الناس.
2- ظهور الفواحش، من تبرج وعري، وزنى، إذ يكون كل جنس حريصاً على أن يظهر في أعين الجنس الآخر بأجمل مظهر وأحسن لباس، ويؤدي هذا التسابق إلى وجود الفجور والزنى.
3- تدمير الأسرة، وبالتالي تفكك المجتمع وسقوطه وحلول القلق والتوتر، والأمراض النفسية والعصبية.
المشكلة الخامسة: المخدرات، والمسكرات، والدخان:
1- المخدرات: وهي في الاصطلاح: ما يغيب العقل والحواس، دون أن يصحب ذلك نشوة .
وفي المفهوم الطبي: هي كل مادة تؤثر على الجهاز العصبي بدرجة تضعف وظيفته أو تفقدها بصفة مؤقتة، ومن أنواع المخدرات: الحشيش، والهيروين، والكوكايين، والأفيون، والقات، والبنج، وجوزة الطيب.
2- المسكرات: والمسكر: هو المغيب للعقل مع نشوة وسرور، وميل إلى البطش، والانتقام.
ومن أنواع المسكرات: العرق، والويسكي، والكونياك، والكحول .
/ هل المخدرات والمسكرات شيءٌ واحد أو لا؟
من خلال التعريفات السابقة يبدو أن هناك بعض الفروق، كما أن هناك اجتماعاً أو اتفاقاً بينهما في جوانب. وقد ذهب بعض العلماء إلى أن هناك فرقاً بينهما من حيث التعريف الوصفي، فذهب القرافي إلى أن متناول المخدرات - غالباً - تغيب معه الحواس كالبصر، والسمع واللمس والشم، وأما المسكرات: فلا تغيب مع متناولها - غالباً – الحواس.
وعلى كل حال، فهي جميعها تشترك في تخدير العقل، وإحداث فتور عام في البدن - على ما مرَّ في التعريفات - مع وجود تخيلات فاسدة، وأفكار غير حقيقية، قد يترتب عليها بعض الجرائم والجنايات.
وبناء ً على هذا تلحق المخدرات بالمسكرات لاشتراكهما في علة تحريم المسكر.
حكم المخدرات والمسكرات:
المخدرات والمسكرات، وإن اختلفت أنواعها وتفاوتت في تأثيرها على العقل، إلا أنها محرمة، فيحرم تناولها وتعاطيها، والاتجار بها، وترويجها ونحوه، ومن أدلة تحريمها:
قوله تعالى: ) يَـأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ( .
وقولهr: " كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام".
وسأل أبو موسى الأشعري t رسول الله r عندما بعثه النبي r إلى اليمن عن شراب هناك قائلاً: يا رسول الله: إن شراباً يصنع بأرضنا يقال له المِـزْر من الشعير، وشرابٌ يقال له البتع من العسل فقال رسول الله r : كل مسكر حرام ، وعن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: نهى رسول الله r عن كل مسكر ومفتر".
واتفق العلماء قديماً وحديثاً على تحريم المخدرات ومنها الحشيش .
الحكمة من تحريم المخدرات والمسكرات: حرمها الشارع لحكم منها:
1- حفظ الكليات الخمس، الدين، والعقل، والنفس، والعرض، والمال، والتي جاء الشرع بحفظها.
2- حفظ كرامة الإنسان، والمحافظة على المنـزلة التي تليق بإنسانيته، والبعد عن الذلة والصغار.
3- حفظ الأسرة من التفكك والضياع، والمجتمع من الانحلال والدمار.
أخطار المخدرات والمسكرات وأضرارها:
إن لتعاطي المخدرات أضراراً كثيرة وخطيرة على الفرد والمجتمع منها:
أ) أضرار دينية: لأن تعاطيها يصد عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة، وباقي العبادات والطاعات.
ب) أضرار اجتماعية:
1- يوقع العداوة والبغضاء والتدابر والتقاطع بين أفراد الأسرة الواحدة، وبين المجتمع بشكل عام، ) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ (
2- كثرة الحوادث المؤلمة التي يذهب ضحيتها كثير من أبناء المجتمع.
3- يؤدي إلى الطلاق وتفكك الأسرة وتشرد الأطفال.
ج) أضرار صحية:
وهي كثيرة جداً وقاتلة، كالتسمم الكحولي، وضمور المخ والمخيخ، والنوبات الدماغية، والتهابات الأعصاب، والعمى، والتهاب البلعوم وسرطان المرىء، وفقدان الشهية، والتهابات الأمعاء بأنواعها، وتضخم الطحال. ونقص المناعة، فهو يُحَوِّل الانسان الجميل الباسم، إلى هيكل عظمي شاحب اللون كئيب المنظر.
د) أضرار اقتصادية ومنها:
1- ضعف جسم الإنسان وانهيار قواه مما يجعله يتسبب في ضعف الإنتاج.
2- ابتزاز الأموال ونهب ثروة الأمة من قبل الأعداء الذين يروجون المخدرات والمسكرات، وبالتالي سيطرتهم على الأمة مادياً ومعنوياً.
3- علاج المدمنين، وملاحقتهم، يضيف عبئاً على الدولة ويكلفها أموالاً كثيرة.
4- ذهاب بركة الأموال وزوال النعم وحلول النقم بالأمة أفراداً وجماعات.
3- الدخان أو التبغ:
تعريفه: هو نبات حشيش مخدر، مر الطعم مشتمل على النيكوتين السامة بنوعيه التوتون والتنباك.
حكمه: حرام، لتحقق ضرره على الدين والبدن والمال، مع عدم نفعه مطلقاً.
ومن الأدلة على تحريمه:
1- قوله تعالى: ) يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ (، وما من عاقل يقول، إن الدخان ليس خبيثاً مستقذراً طعماً ورائحةً.
2- قوله تعالى: ) وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ( . وقد ثبت ضرر الدخان على الصحة، وأنه سام، وسبب في أمراض كثيرة مهلكة تسوق صاحبها إلى حتفه، فهو محرم.
3- تقدم في المخدرات أن النبي r قال: "كل مسكر حرام" ونهى r عن كل مسكر ومفتر"، والدخان على أقل تقدير مفتر.
4- قوله تعالى: ) وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ[ وقال سبحانه: ) وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً ( ) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ( .
والإسراف أو التبذير هو إنفاق المال وإن قل في غير حقه، وإنفاق المال على الدخان هو من هذا القبيل، فالدخان إذن حرام.
ولا يقولن قائل: ليس في كل ما ذكر هنا وغيره دليل صريح يقضي بتحريم الدخان.
والجواب: إن الدخان يقاس على غيره من المخدرات، إذ ليس كل شيء لا بد وأن يُنَص على حكمه في الشريعة، وإنما هناك كليات عامة وقواعد شرعية يندرج تحتها أحكام كثيرة، ومنها الدخان وأمثاله.
حكمة تحريم الدخان: نهى الإسلام عن كل ما فيه مضرة على الإنسان، وقد احتوى الدخان على كثير من الأضرار كالأضرار الدينية، والأضرار الأخلاقية، والأضرار الاجتماعية، والأضرار الاقتصادية، والأضرار الصحية .
أ) أما الأضرار الدينية: فالدخان من أسباب الصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وعدم حضور صاحبه مجالس الذكر - غالباً - كما أنه يثقل عليه الصيام، والاعتكاف، يقول الشيخ عبدالله بن جبرين: لعل ذلك حدث بسبب عمى القلب الحسي والمعنوي.
ب) وأما أضراره الخلقية والاجتماعية: فبالمشاهدة نرى كثيراً من المدخنين لديهم الجرأة على إساءة الأخلاق، بالإضافة إلى أن المدخن كثير الغضب يثور لأتفه الأسباب، لا سيما إذا نفد ما عنده من الدخان، وربما يضطر إلى طلب الدخان بطرق غير مشروعة، كالسرقة أو الاختلاس، أو التسوُّل.
ج) وأما أضراره الصحية: فهي مؤلمة وقاتلة، فسموم الدخان وتعفنه كلها تصب في نفس المدخن وبدنه، فيصاب بأمراض كثيرة في كل جهاز من أجهزة جسمه، كسرطان الحنجرة وسرطان القصبات الهوائية، وسرطان المعدة والبنكرياس، وتصلب الشرايين، وغيرها.
د) وأما أضراره الاقتصادية: فهي كثيرة وكبيرة، إذ يصرف على السجاير مبالغ كبيرة، ويصرف على علاج الأمراض التي يسببها كذلك مبالغ طائلة، كما أن المدخن يقتِّر على أهله وأولاده، ليؤمِّن ثمن سجايره، وهذا يسبب مشاكل اقتصادية واجتماعية، و هذه الحقائق لا ينكرها أحد حتى الذين لا يدينون بدين الحق.
إرسال تعليق