تشغيل الاطفال
مقدمة
عمالة الأطفال قضية من القضايا الاقتصادية والاجتماعية الملحة بالإضافة لكونها مرتبطة بحقوق الطفل إذ أن هناك ما يقدر بنحو أكثر من 352 مليون طفل في العالم يمكن اعتبارهم أطفال نشيطين اقتصاديا ونحو 246 مليون طفل ضمن عمل الأطفال في مختلف أنحاء العالم اما عدد الأطفال الذين يمارسون أسوء أشكال عمل الأطفال فيقدر بحوالي أكثر من 8.4 مليون طفل حسب إحصائيات منظمة العمل الدولية لعام 2000 فعمالة الأطفال ما هي إلا كابوس يؤرق العالم عامة والمنظمات الحقوقية والإنسانية في العالم خاصة ولا تختلف في ذلك الدول المتقدمة عن الدول النامية إلا في حجم المشكلة وانتشارها فقط ولكنهم جميعا شركاء في تلك الجريمة التي تغتال المستقبل ولا يسعنا إلا أن نقول أن عمالة الأطفال ما هي إلا صندوق أسود اجتماعي لدى المجتمعات الفقيرة في دول العالم الثالث يجب فتحه وتحليله وفهمه.
جوانب البحث تتضمن الآتي إجمالا:
تعريف وأسباب ونتائج عمالة الأطفال:
وهى تفصيلا كما يلى:
1- تعريف عمالة الأطفال:
يمكن تعريفها بأنها كل جهد جسدي يقوم به الطفل ويؤثر على صحته الجسدية والنفسية والعقلية ويتعارض مع تعليمه الأساسي ويستفيد من ضعفه وعد قدرته على الدفاع عن حقوقه إذ يستغل كعمالة رخيصة بديلة عن عمل الكبار مما يعيق تعليم الطفل وتدريبه ويغير حياته ومستقبله ولا يساهم في تنميتهم.
2- أسباب عمالة الأطفال:
1- أسباب اجتماعية وهي:
1- تعتبر سيطرة مجموعة المعتقدات الاجتماعية المتعلقة بعدم جدوى الاستثمار بالتعليم وعدم متابعة الأطفال لدراستهم بسبب الرغبة في تعليمهم مهنة تؤمن مستقبل آمن.
2- لا تزال تسود بعض المجتمعات التقليدية خاصة الزراعية معتقدات خاطئة تبيح تشغيل الأطفال لأن في ذلك مصلحة فضلى لهم.
3- في المجتمع الذي يكون فيه عمل الأطفال مقبولا اجتماعيا ينخفض الطلب على التعليم ولا تطبق القوانين المتعلقة بالحد الأدنى لسن العمل وإلزامية التعليم.
4- لا تعتبر المجتمعات العربية عمل الفتيات بالمنزل، المساعدة في الحقل عملا حقيقيا حيث غالبا ما يعتبر الأطفال ملكا للعائلة والأهل وحدهم يقررون عنهم والأوصياء عليهم يقررون التحاقهم أو عدمه بالمدرسة او العمل في هذه المهنة أو تلك.
5- سيطرة تلك المفاهيم تزايدت مع الهجرة من الريف للمدينة حيث يعمل الأطفال في مهنة مثل (الخياطة، الميكانيكا، الصباغة، الأفران، العمل في المصانع غير المرخصة والتي تتواجد في الضواحي وأطراف المدن الكبرى وخاصة في مناطق السكن العشوائي والتي تعتبر بؤر لمخالفة القانون ويكثر فيها عمل الأطفال بالأعمال الخطرة والتي تعرض الأطفال لكافة أنواع الاستغلال.
6- سيطرة فكرة تعليم الأبناء مهنة الآباء والأجداد في المجتمع العربي الأمر الذى يؤدي لنزول الأطفال إلى العمل بحرفة الأهل للمحافظة عليها والقيام بها مستقبلا وذلك طبعا بدون أجور وحقوق ويحرم هؤلاء الأطفال من حقهم باختيار مستقبلهم ومهنتهم.
2- أسباب تعليمية:
يرتبط عمل الأطفال بعدم الالتحاق بالمدارس ارتباطا وثيقا وتدل الإحصاءات على أن 140 مليون محرومين من التعليم الابتدائي في العالم 13% منهم في الدول النامية في الفئة العمرية (7-18) لم يلتحقوا بالتعليم أبدا كما وان 56% منهم من الفتيات وهناك 130 مليون طفل لا يترددوا إلى المدرسة بانتظام بسبب التزامهم بالعمل وينقطع طفل من أصل 4 أطفال دون إنهاء خمس أعوام من التعليم الأساسي وإذا استمر الحال كما هو عليه بالنسبة للتعليم فلن تتحقق أهداف الألفية والمتمثلة بتوفير التعليم للجميع بحلول 2015 (من أهداف الألفية - الهدف في توفير التعليم للجميع).
هناك ارتباط وثيق لا يمكن فصله بين تعليم الأطفال وانخراطهم في العمل:
حيث يشكل التعليم وخاصة الجيد المجاني والإلزامي حتى الحد الأدنى لسن الدخول لسوق العمل (التعليم الأساسي) وفقا لما نصت عليه المعايير الدولية للعمل، عنصر أساسي في منع عمل الأطفال وقد تبين أنه في الدول التي تم فيها فرض التعليم الإلزامي حتى سن الرابعة عشرة انخفضت معدلات عمل الأطفال بشكل فعلي.
يهبط معدل العمالة للأطفال مع ارتفاع معدل القيد في المدارس رغم التفاوت بين البلدان وهذه العلاقة غير واضحة لحد ما الآن بعض الأطفال قد يعلمون لتمويل تكاليف تعليمهم أو تعليم أخواتهم الأصغر سنًا.
وتعتبر مناهج وأساليب التعليم في البلدان الغربية ذات مسئولية مباشرة لتسرب الأطفال من المدارس واللجوء للعمل في سن مبكرة فهي لا تعتمد على الأساليب الحديثة والتي تنسجم مع متطلبات سوق العمل علاوة عن أنها تقوم على أسلوب التلقين والحفظ المملين والذين لا يستندان إلى تطوير الفكر والمعرفة والنقد فيما يسمى (know how).
3- أسباب اقتصادية:
تتصدر العوامل والأسباب الاقتصادية القائمة بين الأسباب والعوامل المؤدية الانخراط الأطفال بالعمل وبخاصة أسوء أشكاله نظرا لوجود علاقة وثقيه بين الفقر والبطالة وتدنى دخل الأسرة وبين عمالة الأطفال.
1-الفقر: يرتبط بعمالة الأطفال ارتباط لا فكاك منه إذ أنه عندما يستشهد الفقر يكون عمل الأطفال عامل من عوامل استراتيجية الأسرة الفقيرة للبقاء على قيد الحياة ويزداد اقتناعها بأن مكان الأطفال هو في العمل بدل المدرسة ويعتبر جانب من جوانب الفقر بالعالم إذ يموت 30 ألف طفل تقريبا نتيجة الفقر المدقع ويتضح من ذلك الارتباط الطردي ما بين عمالة الأطفال والفقر إذ كلما زاد الفقر زادت عمالة الأطفال والعكس صحيح. ونادرا ما يتم التمييز بين فقر الأطفال والفقر بصورة عامة والتعرف على أبعاد الفقر الخاصة وقد تبنت اليونيسيف منذ أمد طويل الرأي القائل بأن الأطفال هم اشد الفئات إصابة بالفقر في أغلب الأحيان ويمكن أن يكون الفقر في سنوات الطفولة الأولى سببا في حدوث إعاقة تدوم مدى الحياة.
2-البطالة: هي إحدى أخطر المشكلات التي تواجه الدول العربية حيث توجد بها أعلى معدلات البطالة في العالم وذلك حسب:
1- تقرير مجلس الوحدة الاقتصادية التابع لجامعة الدول العربية الصادر عام 2004 قدرت نسبة البطالة في الدول العربية ما بين 15 و 20 %.
2- تقرير منظمة العمل الدولية الذى ذكر عام 2003 ن متوسط نسبة البطالة في العالم وصل إلى 6.2 % بينما بلغت النسبة في العالم العربي في العام نفسه 12.2 % وتتزايد سنويا بمعدل 3% مما يجعل هذه القضية من أكبر التحديات التي تواجه المجتمعات العربية وأن 60% تقريبا من سكانهم هم دون سن الخامسة والعشرين والعلاقة بين البطالة وعمالة الأطفال طردية إذ تتزايد البطالة عند زيادة عمل الأطفال والعكس صحيح.
3- تدني دخل الأسرة: تتزامن عمالة الأطفال عادة مع مستوى دخل الأسرة وبطالة البالغين فيها حيث يزداد عمل الأطفال عندما تزداد معدلات البطالة بين البالغين وخاصة في الأعمال والصناعات والحرف التي لا تتطلب تأمينا أو جهدا من قبل العامل كما تزداد فرص العمل للأطفال كلما انعدمت فرص العمل للبالغين وكلما ارتفع دخل الأسرة كلما تضائل عمل الأطفال وبالتالي تستثمر الأسرة في تعليم الأطفال وإرسالهم إلى المدارس أما عندما تكون الأسرة بحاجة إلى دخل إضافي يعمل الأطفال لتأمين ذلك الدخل مما يعنى ضرورة العمل للبقاء على قيد الحياة وتأمين المعيشة.
3- نتائج عمالة الأطفال:
كان آخر ما كشفت عنه منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة الفاو في أول دراسة متخصصة لها في مجال عمالة الأطفال والتي أظهرت أن قطاع تربية الماشية من القطاعات التي تشمل عمالة الأطفال بكثافة وعلى نطاق واسع على مستوى العالم ولكنها مهملة لحد بعيد وقرى العالم هي الأقل اهتماما وتعانى من الإهمال لحد بعيد وتختلف مشكلة عمالة الأطفال من دولة إلى أخرى وفق تطورها فالمشكلة في الدول النامية أكبر وأعمق خاصة مع صعوبة الأوضاع الاقتصادية فتلك الظاهرة تترك أثارا سلبية تنعكس على المجتمع لذا فالكثير من الاتفاقيات الدولية تجرم الاستغلال الاقتصاد للأطفال ومنها:
1- اتفاقية حقوق الطفل التي أصدرتها الجمعية العمومية للام المتحدة في عام 1989 التي نصت المادة 35-1 على أن تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون مضرا ا وان يمثل إعاقة يتعلم الطفل وأن يكون ضارا بصحته أو نموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي.
2- خصصت منظمة العمل الدولية 17 اتفاقية لمعالجة شئون عمل الأطفال من بين 183 اتفاقية تبنتها المنظمة منذ تأسيسها عام 1919 وعلينا أن نعرف أن عمالة الأطفال تتنافى مع العدالة الاجتماعية ويتضح من ذلك أن زيادة البطالة ما هي إلا نتيجة لعمالة الأطفال كما أنها سبب اقتصادي لعمالة الأطفال إذ انه طالما أن هناك عمل للأطفال إذا هذا يعنى أن هناك عمل وإلا فلما يتم إلحاق هؤلاء الأطفال بتلك الأعمال ويتقاضى عليها الطفل أو ولى أمره مقابل مادي نظير هذا العمل مما يعنى توافر فرص العمل لكن المشكلة الكبرى في الدول النامية انتشار الفقر بشكل من الممكن أن لا يتصوره البعد عن المشكلة المحرك الرئيسي لعمل الأطفال هي الظروف الأسرية ومنذ بداية التسعينات اخذ نسق العولمة في التسارع مع تدنى الناتج الداخلي العالمي واتساع الهوة بين البلدان الغنية والفقيرة وتزايد عدد الفقراء في العالم إذ فاق المليارين من البشر.
خلاصة القول:
أننا ملزمين بمطالبة الحكومات والدول والمجتمعات الدولية والإنسانية الأخرى على ممارسة دورها الفعال في منع تلك الممارسات على مبدأ احترام سلم النشوء والتطور المهم وضع قانون يمنع عمل الأطفال لأجل الطفولة ولإنهاء موضوع البطالة الناتجة عن عمالتهم فكل مرحلة عمرية لها مشاكلهم وصعوباتها لكن الجريمة أن تمر الطفولة بمشاكل.
إرسال تعليق