جاء في كتاب "تاريخ بغداد" نقلا عن أبي حنيفة ما نصه : " آخذ بكتاب الله، فإن لم أجد فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لم أجد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذت بقول الصحابة، آخذ بقول من شئت، وأدع من شئت منهم، ولا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم، فأما إذا انتهى الأمر -أو جاء- إلى إبراهيم والشعبي وابن سيرين وعطاء وسعيد بن المسيب وعدد رجالا، فقوم اجتهدوا، فأجتهد كما اجتهدوا." (1)
وجاء في مناقب أبي حنيفة "للموقف المكي" ما نصه : " كلام أبي حنيفة أخذ بالثقة، وفرار من القبح والنظر في معاملات الناس، وما استقاموا عليه وصلحت عليه أمورهم، يمضي الأمور على القياس، فإذا قبح القياس يمضيها على الاستحسان مادام يمضي له، فإذا لم يمض له رجع إلى ما يتعامل المسلمون به، وكان يوصل الحديث المعروف الذي قد أجمع الناس عليه، ثم يقيس عليه ما دام القياس سائغا، ثم يرجع إلى الاستحسان، أيهما أوفق رجع إليه. قال سهيل : هذا علم أبي حنيفة رحمه الله، علم العامة." (2)
وجاء فيه أيضا: " كان أبو حنيفة شديد الفحص عن الناسخ من الحديث والمنسوخ، فيعمل بالحديث إذا ثبت عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم و عن أصحابه، وكان عارفا بحديث أهل الكوفة، وفقه أهل الكوفة، شديد الإتباع لما كان عليه الناس ببلده." (3)
فبتتبعنا للروايات المنقولة عن أبي حنيفة، نستطيع أن نتعرف على الأصول التي كان يعتمد عليها في اجتهاده.. ويمكن تقسيم هذه الأصول بحسب دور الفقيه فيها إلى أقسام ثلاثة:
* المصادر النقلية: وتشمل القرآن والسنة الصحيحة والإجماع وأقوال الصحابة، فكان أبو حنيفة يأخذ بهذه المصادر، ولا يتعداها إلى المصادر الإجتهادية إذا ثبتت لديه، و اتضحت دلالتها عنده..
*المصادر الإجتهادية: كان أبو حنيفة يعتمد القياس عند عدم وجود نص في القرآن أو السنة أو عند عدم ورود رأي عن الصحابة.. وأحيانا كان يعتمد الإستحسان، و هو الخروج عن مقتضى القواعد القياسية لحكم آخر مخالف له، لعدم صلاحية القياس في هذا الموطن لمخالفته لنص من النصوص القرآنية أو لمخالفته للإجماع..
*الأعراف: كان أبو حتيفة يحترم الأعراف التي لا تخالف نصا من النصوص و يعتبرها و يوجب العمل بها
الهوامش
(1) - تاريخ بغداد الخطيب البغدادي ج3/1681 -دار الكتاب العربي بيروت. وانظر أخبار أبي حنيفة وأصحابه للصيمري ص 10 . دار الكتاب العربي / الطبعة الثانية – 1976م.
(2) - مناقب أبي حنيفة للموفف المكي 1/73 نقلا عن كتاب "أبو حنيفة" ص 266
(3) - أخبار أبي حنيفة - للصيمري - ص11
إرسال تعليق